مَرَاسِيمِ الرَّسُولِ بِالْأَحْدَثِ فَالْأَحْدَثِ. وَاسْتَثْنَى ابْنُ الْقُشَيْرِيّ مِنْ الْأَفْعَالِ مَا وَقَعَ بَيَانًا، كَقَوْلِهِ: « (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) » فَآخِرُ الْفِعْلَيْنِ يَنْبَغِي أَنْ يَنْسَخَ الْأَوَّلَ، كَآخِرِ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ بِمَثَابَةِ الْقَوْلِ. اهـ. وَهَذَا مِنْ صُوَرِ مَا ذَكَرَهُ إلْكِيَا. وَصَرَّحَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ عَنْ الْقَاضِي بِأَنَّ الْأَفْعَالَ الَّتِي لَا يَقَعُ فِيهَا التَّعَارُضُ هِيَ الْمُطْلَقَةُ الَّتِي لَمْ تَقَعْ مَوْقِعَ الْبَيَانِ مِنْ الرَّسُولِ، وَهِيَ الَّتِي يَتَوَقَّفُ فِيهَا الْوَاقِفِيَّةُ، فَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهَا التَّعَارُضُ، فَإِنَّ الْأَفْعَالَ صِيَغٌ فِيهَا، وَلَا يُتَصَوَّرُ تَعَارُضُ الذَّوَاتِ وَالْأَفْعَالِ الْمُتَغَايِرَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْأَوْقَاتِ، وَلَمْ تَقَعْ مَوْقِعَ الْبَيَانِ لِيُصْرَفَ التَّعَارُضُ إلَى مُوجِبَاتِ الْأَحْكَامِ.
وَأَمَّا الْأَفْعَالُ الْوَاقِعَةُ مَوْقِعَ الْبَيَانِ، فَإِذَا اخْتَلَفَا وَتَنَافَيَا، وَلَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ، فَالتَّعَارُضُ فِي مُوجِبِهِمَا كَالتَّعَارُضِ فِي مُوجِبِ الْقَوْلَيْنِ. قَالَ: وَلَا يَرْجِعُ التَّعَارُضُ إلَى ذَاتَيْ الْفِعْلَيْنِ، بَلْ التَّلَقِّي وَالْبَيَانِ الْمَنُوطِ بِهِمَا، وَكَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ التَّعَارُضُ فِي مَعْنَى الْقَوْلَيْنِ، وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي الْحُكْمِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ ظَاهِرِهِمَا. ثُمَّ قَالَ: وَحَاصِلُ مَا نَقُولُ عِنْدَ تَعَارُضِ الْفِعْلَيْنِ تَجْوِيزُهُمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَحَدِهِمَا مَا يَتَضَمَّنُ حَظْرًا، سَوَاءٌ تَقَدَّمَ أَحَدُهُمَا أَمْ لَا. قَالَ: وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي نَظَرِ الْأُصُولِيِّ؛ لِأَنَّ الْأَفْعَالَ لَا صِيَغَ لَهَا. ثُمَّ فَصَّلَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ بَيْنَ مَا يَقَعُ بَيَانًا، وَمَا لَا يَقَعُ بَيَانًا، كَقَوْلِهِ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» فَآخِرُ الْفِعْلَيْنِ يَنْبَغِي أَنْ يَنْسَخَ الْأَوَّلَ كَآخِرِ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ بِمَثَابَةِ الْقَوْلِ، وَأَمَّا مَا لَيْسَ بَيَانًا فَإِنْ كَانَ فِي مَسَاقِ الْقُرَبِ فَالِاخْتِيَارُ أَنَّهُ عَلَى النَّدْبِ، فَلْيَجْرِ ذَلِكَ فِي آخِرِ الْفِعْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ نَاسِخٌ لِلْمُتَقَدِّمِ، كَالْقَوْلَيْنِ الْمُؤَخَّرَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute