للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّالِثُ: التَّوَقُّفُ، كَدَلِيلَيْنِ تَعَارَضَا فِي الظَّاهِرِ وَيُطْلَبُ وَجْهُ التَّرْجِيحِ، وَجَعَلَ صَاحِبُ " الْمَصَادِرِ " الْخِلَافَ فِيمَا إذَا وَرَدَ قَوْلٌ مُجْمَلٌ، ثُمَّ صَدَرَ بَعْدَهُ فِعْلٌ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بَيَانًا لِذَلِكَ الْمُجْمَلِ. وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ مَحَلَّ الْخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ خَاصٌّ عَلَى تَأَسِّي الْأُمَّةِ فِي هَذَا الْفِعْلِ الْمَخْصُوصِ، فَإِنْ دَلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ خَاصٌّ كَانَ نَاسِخًا لِلْقَوْلِ إنْ تَأَخَّرَ، وَإِنْ جُهِلَ التَّارِيخُ فَفِيهِ مَا يَأْتِي مِنْ الْخِلَافِ. وَالْمَوْضِعُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ الْقَوْلُ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ، وَيُجْهَلُ التَّارِيخُ فِي تَقَدُّمِهِ عَلَى الْفِعْلِ أَوْ تَأَخُّرِهِ عَنْهُ. كَقَوْلِهِ لِعُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ: «كُلْ مِمَّا يَلِيك» ) وَتَتَبُّعُهُ الدُّبَّاءَ فِي جَوَانِبِ الصَّحْفَةِ. وَكَنَهْيِهِ عَنْ الشُّرْبِ قَائِمًا، وَعَنْ الِاسْتِلْقَاءِ، وَوَضْعِ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى، وَثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ فَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ فِي مِثْلِ هَذَا ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ تَقْدِيمُ الْقَوْلِ لِقُوَّتِهِ بِالصِّيغَةِ، وَأَنَّهُ حُجَّةٌ بِنَفْسِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ بَرْهَانٍ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَجَزَمَ بِهِ إلْكِيَا. قَالَ: لِأَنَّ فِعْلَهُ لَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ إلَّا بِدَلِيلٍ، وَحَقُّ قَوْلِهِ أَنْ يَتَعَدَّاهُ، " فَإِذَا اجْتَمَعَا تَمَسَّكْنَا بِقَوْلِهِ، وَحَمَلْنَا فِعْلَهُ عَلَى أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِهِ، وَكَذَا جَزَمَ بِهِ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ فِي " اللُّمَعِ "، وَالْإِمَامُ فِي " الْمَحْصُولِ "، وَالْآمِدِيَّ فِي " الْأَحْكَامِ "، وَالْقُرْطُبِيُّ وَابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>