قَالَ: وَقَالَ قَوْمٌ مِنْ غَيْرِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: أَقَلُّ مَا يَتَوَاتَرُ بِهِ الْخَبَرُ اثْنَا عَشَرَ؛ لِأَنَّهُمْ عَدَدُ النُّقَبَاءِ.
وَنَقَلَ الْقَرَافِيُّ عَنْ غَيْرِهِ اعْتِبَارَ الْعَشَرَةِ بِعَدَدِ بَيْعَةِ أَهْلِ الرِّضْوَانِ، وَهُوَ وَهْمٌ لِمَا سَيَأْتِي، وَقِيلَ: عِشْرُونَ، أَيْ إذَا كَانُوا عُدُولًا، كَذَا قَيَّدَهُ الصَّيْرَفِيُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ} [الأنفال: ٦٥] وَنُقِلَ عَنْ أَبِي الْهُذَيْلِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ، وَقِيلَ: أَرْبَعُونَ، وَقِيلَ: سَبْعُونَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلا} [الأعراف: ١٥٥] ، وَقِيلَ: ثَلَاثُمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ، عَدَدُ أَهْلِ بَدْرٍ، وَإِنَّمَا خَصَّهُمْ بِذَلِكَ لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِخَبَرِهِمْ لِلْمُشْرِكِينَ، وَوَقَعَ فِي التَّقْرِيبِ " لِلْقَاضِي وَالْبُرْهَانِ لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِمَا تَقْيِيدُهُمْ بِثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَحَكَى الْحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ وَغَيْرُهُ ذَلِكَ، وَقَوْلًا آخَرَ أَنَّهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ وَعَشَرَةُ رِجَالٍ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِأَنَّ الَّذِينَ خَرَجُوا مَعَ النَّبِيِّ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ لِلْمُقَاتَلَةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةُ رِجَالٍ، وَلَمْ يَحْضُرْ الْغَزْوَةَ ثَمَانِيَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَدْخَلَهُمْ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي حُكْمِ عِدَادِ الْحَاضِرِينَ، وَأَجْرَى عَلَيْهِمْ حُكْمَهُمْ، فَكَانَتْ الْجُمْلَةُ ثَلَاثَمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ، فَاعْرِفْ ذَلِكَ.
وَقِيلَ: عَدَدُ أَهْلِ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ. قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَهُمْ أَلْفٌ وَسَبْعُمِائَةٍ. قُلْتُ: وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ عَدَدُهُمْ خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً، وَفِي رِوَايَةٍ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةٍ، ثُمَّ رُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ، قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: كَمْ كَانَ الَّذِينَ شَهِدُوا بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ؟ قَالَ خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً. قُلْتُ: قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: كَانُوا أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً. قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَمَ، هُوَ حَدَّثَنِي أَنَّهُمْ كَانُوا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي الْقَدِيمِ يَقُولُ: خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً، ثُمَّ ذَكَرَ الْوَهْمَ، وَقَالَ: أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute