وَالثَّانِي: يُوجِبُهُ؛ لِأَنَّ سُكُونَ النَّفْسِ إلَيْهِ مُوجِبٌ لَهُ، وَلَوْلَاهَا كَانَ ظَنًّا. اهـ.
وَحَكَى صَاحِبُ الْمَصَادِرِ " عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْقَفَّالِ أَنَّهُ يُوجِبُ الْعِلْمَ الظَّاهِرَ وَكَأَنَّ مُرَادَهُ غَالِبُ الظَّنِّ، وَإِلَّا فَالْعِلْمُ لَا يَتَفَاوَتُ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ ابْنُ فُورَكٍ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ: قَائِلُ هَذَا أَرَادَ غَلَبَةَ الظَّنِّ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْعِلْمِ ظَاهِرٌ لَا يَتَحَقَّقُ بِهِ مَعْلُومٌ. وَجَزَمَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ فَقَالَ: خَبَرُ الْوَاحِدِ يُوجِبُ الْعَمَلَ دُونَ الْعِلْمِ. وَقَالَ: يَعْنِي بِالْعِلْمِ عِلْمَ الْحَقِيقَةِ لَا عِلْمَ الظَّاهِرِ. وَنَقَلَهُ عَنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ الشَّافِعِيُّ. قَالَ: وَالْقَائِلُ بِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ يُفِيدُ الْعِلْمَ، إنْ أَرَادَ الْعِلْمَ الظَّاهِرَ فَقَدْ أَصَابَ، وَإِنْ أَرَادَ الْقَطْعَ حَتَّى يَتَسَاوَى مَعَ التَّوَاتُرِ فَبَاطِلٌ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ كَجٍّ فِي كِتَابِهِ: إنَّا نَقْطَعُ عَلَى اللَّهِ بِصِحَّةِ الْقَوْلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَيُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ النَّصِّ، أَلَا تَرَى أَنَّا نَنْقُضُ حُكْمَ مَنْ تَرَكَ أَخْبَارَ الْآحَادِ.
وَحَكَى عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْمُلَخَّصِ " أَنَّهُ هَلْ يُفِيدُ الْعِلْمَ الظَّاهِرَ أَمْ لَا؟ ثُمَّ قَالَ: إنَّهُ خِلَافٌ لَفْظِيٌّ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّهُ يُوجِبُ غَلَبَةَ الظَّنِّ، فَصَارَ الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ هَلْ يُسَمَّى عِلْمًا أَمْ لَا؟ وَقَالَ الْهِنْدِيُّ: إنْ أَرَادُوا بِقَوْلِهِمْ: يُفِيدُ الْعِلْمَ، أَنَّهُ يُفِيدُ الْعِلْمَ بِوُجُوبِ الْعَمَلِ، أَوْ أَنَّهُ يُفِيدُ الْعِلْمَ بِمَعْنَى الظَّنِّ، فَلَا نِزَاعَ فِيهِ؛ لِتَسَاوِيهِمَا، وَبِهِ أَشْعَرَ كَلَامُ بَعْضِهِمْ أَوْ قَالُوا: يُورِثُ الْعِلْمَ الظَّاهِرَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعِلْمَ لَيْسَ لَهُ ظَاهِرٌ، فَالْمُرَادُ مِنْهُ الظَّنُّ، وَإِنْ أَرَادُوا مِنْهُ أَنَّهُ يُفِيدُ الْجَزْمَ صَدَقَ مَدْلُولُهُ، سَوَاءٌ كَانَ عَلَى وَجْهِ الِاطِّرَادِ، كَمَا نَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَبَعْضِ الظَّاهِرِيَّةِ، أَوْ لَا عَلَى وَجْهِ الِاطِّرَادِ، بَلْ فِي بَعْضِ أَخْبَارِ الْآحَادِ دُونَ الْكُلِّ كَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ، فَهُوَ بَاطِلٌ. اهـ. وَلَعَلَّ مُرَادَ أَحْمَدَ إنْ صَحَّ عَنْهُ إفَادَةُ الْخَبَرِ؛ لِلْعِلْمِ بِمُجَرَّدِهِ مَا إذَا تَعَدَّدَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute