للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرَادَ أَنْ يَتَدَيَّنَ بِالْحَدِيثِ، فَلَا يَكْتُبُ عَنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ شَيْئًا إلَّا مَا قَالَا: حَدَّثَنَا، أَوْ أَخْبَرَنَا، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ خَلٌّ وَبَقْلٌ. قَالَ: وَمَنْ عُرِفَ بِالتَّدْلِيسِ وُقِفَ فِي خَبَرِهِ.

قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ: وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْمُحَدِّثَ إنْ قَصَدَ بِقَوْلِهِ عَنْ فُلَانٍ إيهَامَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ فَهُوَ غِشٌّ، وَإِنْ كَانَ عَلَى طَرِيقِ الْفَتْوَى كَقِصَّةِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْجُنُبِ يَصُومُ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّهُ. قَالَ: وَالْكَلَامُ فِي الصُّحُفِ وَغَيْرِهَا مِثْلُ هَذَا، وَلَا يُقْبَلُ ذَلِكَ الْكِتَابُ إلَّا أَنْ يَرْوِيَهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كَكِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ. فَأَمَّا إذَا كَانَ كِتَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ أَصْلًا، فَيُقَالُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ إلَّا وَقَدْ صَحَّ شَرَائِطُهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: يَقِفُ عَنْهُ حَتَّى يَعْلَمَ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ كَانَ. اهـ. قَالَ: وَمَنْ عُرِفَ بِالتَّدْلِيسِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ حَرْفٌ، حَتَّى يُبَيِّنَ سَمَاعَهُ، وَيُقْبَلَ ذَلِكَ مِنْ الثِّقَاتِ، وَقَدْ يُعْرَفُ التَّدْلِيسُ بِأَنْ يُكْثِرَ عَنْ الْمَجْهُولِينَ، وَيَصِلَ الْوُقُوفَ، وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ تُوَقِّفَ فِي خَبَرِهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ فِي كِتَابِهِ: مَنْ عُرِفَ بِالتَّدْلِيسِ، لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ، حَتَّى يُخْبِرَ بِالسَّمَاعِ، فَيَقُولُ: سَمِعْت أَوْ أَخْبَرَنِي أَوْ حَدَّثَنِي وَنَحْوُهُ. فَأَمَّا إذَا قَالَ: قَالَ فُلَانٌ فَلَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ تَدْلِيسَهُ ظَهَرَ. فَالْوَاجِبُ التَّوَقُّفُ عَنْهُ فِي خَبَرِهِ، وَإِنَّمَا يُسَامَحُ الثِّقَاتُ غَيْرُ الْمَعْرُوفِينَ بِالتَّدْلِيسِ فِي قَوْلِهِمْ عَنْ فُلَانٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَخَفُّ مِنْ الْإِخْبَارِ بِالسَّمَاعِ فِي خَبَرِهِ، وَيُحْمَلُ ذَلِكَ مِنْهُمْ عَلَى السَّمَاعِ عَلَى حَمْلِهِ مَا عُرِفَ مِنْهُمْ، فَصَيَّرَ ذَلِكَ كَاللُّغَةِ الْجَارِيَةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>