الْأَمْرِ، فَلَا يُتْرَكُ الظَّاهِرُ بِالْمُحْتَمَلِ. حَكَاهُ عَنْهُمْ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي " الْمُلَخَّصِ ". وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ: إنْ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِمَذْهَبِ الرَّاوِي وَتَأْوِيلِهِ وَجْهٌ سِوَى عِلْمِهِ بِقَصْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِذَلِكَ التَّأْوِيلِ، وَجَبَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ، بَلْ جُوِّزَ أَنْ يَكُونَ قَدْ صَارَ إلَيْهِ لِدَلِيلٍ ظَهَرَ لَهُ مِنْ نَصٍّ أَوْ قِيَاسٍ، وَجَبَ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ الدَّلِيلِ، فَإِنْ كَانَ مُقْتَضِيًا لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ وَجَبَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ، وَإِلَّا عُمِلَ بِالْخَبَرِ، وَلَمْ يَكُنْ لِمُخَالَفَةِ الصَّحَابِيِّ أَثَرٌ. سَادِسُهَا: أَنْ تَكُونَ الْمُخَالَفَةُ بِتَرْكِ الْحَدِيثِ بِالْكُلِّيَّةِ، كَرِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْوُلُوغُ سَبْعًا، وَرَأْيُهُ بِالثَّلَاثِ وَهَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ مِثَالًا لِتَخْصِيصِ الرَّاوِي عُمُومَ الْخَبَرِ، وَلَيْسَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ أَلْفَاظَ الْعَدَدِ نُصُوصٌ لَا تَحْتَمِلُ التَّخْصِيصَ. فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِرِوَايَتِهِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ.
وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ عِيسَى بْنِ أَبَانَ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ الْأَئِمَّةِ دَلَّ عَلَى نَسْخِ الْخَبَرِ. وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ، وَابْنِ الْقُشَيْرِيّ أَنَّا إنْ تَحَقَّقْنَا نِسْيَانَهُ لِلْخَبَرِ الَّذِي رَوَاهُ، أَوْ فَرَضْنَا مُخَالَفَةً لِخَبَرٍ لَمْ يَرْوِهِ، وَجَوَّزْنَا أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ، فَالْعَمَلُ بِالْخَبَرِ، فَإِنْ رَوَى خَبَرًا مُقْتَضَاهُ رَفْعُ الْحَرَجِ، وَالْحَرَجُ فِيمَا سَبَقَ مِنْهُ تَحْرِيمٌ وَحَظْرٌ، ثُمَّ رَأَيْنَاهُ يَتَحَرَّجُ، فَالِاسْتِمْسَاكُ بِالْخَبَرِ أَيْضًا، وَعَمَلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَرَعِ. وَإِنْ نَاقَضَ عَمَلُهُ رِوَايَتَهُ، وَلَمْ نَجِدْ مَحْمَلًا فِي الْجَمْعِ، امْتَنَعَ التَّعَلُّقُ بِرِوَايَتِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُظَنُّ بِمَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الرِّوَايَةِ أَنْ يَتَعَمَّدَ مُخَالَفَةَ مَا رَوَاهُ إلَّا عَنْ ثَبْتٍ يُوجِبُ الْمُخَالَفَةَ. قَالَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ: وَعَلَى هَذَا فَلَا يُقْطَعُ بِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute