وَأَكْثَرُ الْإِجْمَاعَاتِ قَدْ عُرِفَ مُسْتَنَدُهَا، وَحَكَى الْإِمَامُ فِي بَابِ الْقِيَاسِ عَنْ الشَّافِعِيِّ مَا يَقْتَضِي الْبَحْثَ عَنْ الْمُسْتَنَدِ حَيْثُ قَالَ: لَمْ يُعْهَدْ الْقِرَاضُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَوَّلُ مَا جَرَى فِي زَمَنِ عُمَرَ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِغَيْرِ مُسْتَنَدٍ، وَلَوْ كَانَ فِي الْقِرَاضِ خَيْرٌ لَاعْتُنِيَ بِنَقْلِهِ.
مَسْأَلَةٌ اتَّفَقَ الْقَائِلُونَ بِالْمُسْتَنَدِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ دَلَالَةً، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا كَانَ أَمَارَةً عَلَى مَذَاهِبَ. أَحَدُهَا: الْجَوَازُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ جَلِيَّةً أَوْ خَفِيَّةً، كَالدَّلَالَةِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الرِّسَالَةِ "، وَجَوَّزَ الْإِجْمَاعَ عَنْ قِيَاسٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ. قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَبِهِ قَالَ عَامَّةُ أَصْحَابِنَا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: لَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فِي جَوَازِ وُقُوعِ الْإِجْمَاعِ عَنْهُ فِي قِيَاسِ الْمَعْنَى عَلَى الْمَعْنَى وَالشَّرْطِ، وَأَمَّا قِيَاسُ الشَّبَهِ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِذَا وَقَعَ عَنْ الْأَمَارَةِ، وَهِيَ الْمُفِيدَةُ لِلظَّنِّ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الظَّنُّ صَوَابًا لِلدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى الْعِصْمَةِ، وَمِنْ هُنَا قِيلَ: ظَنُّ مَنْ هُوَ مَعْصُومٌ عَنْ الْخَطَأِ مَقْطُوعٌ بِصِحَّتِهِ. وَمِنْ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ: اتِّفَاقُ الصَّحَابَةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ بَعْدَ الْخِلَافِ. وَالثَّانِي: الْمَنْعُ مُطْلَقًا، وَبِهِ قَالَ الظَّاهِرِيَّةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute