للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالظَّاهِرِيَّةُ مَنَعُوهُ لِأَجْلِ إنْكَارِهِمْ الْقِيَاسَ وَأَمَّا ابْنُ جَرِيرٍ، فَقَالَ: الْقِيَاسُ حُجَّةٌ، وَلَكِنَّ الْإِجْمَاعَ إذَا صَدَرَ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ مَقْطُوعًا بِصِحَّتِهِ، هَكَذَا حَكَاهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ. قَالَ: وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الْقَدَرِيَّةِ، وَهُوَ جَعْفَرُ بْنُ مُبَشِّرٍ. ثُمَّ اخْتَلَفَتْ الظَّاهِرِيَّةُ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَحَالَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ سَلَّمَ الْإِمْكَانَ، وَمَنَعَ الْوُقُوعَ، وَادَّعَوْا أَنَّ الْعَادَةَ تُحِيلُهُ فِي الْجَمْعِ الْعَظِيمِ. وَحَكَى الْقَاضِي فِي التَّقْرِيبِ " عَنْ ابْنِ جَرِيرٍ أَنَّهُ مَنَعَ مِنْهُ عَقْلًا، وَقَالَ: لَوْ وَقَعَ لَكَانَ حُجَّةً، غَيْرَ أَنَّهُ مَنَعَ وُقُوعَهُ؛ لِاخْتِلَافِ الدَّوَاعِي وَالْأَغْرَاضِ وَتَفَاوُتِهِمْ فِي الذَّكَاءِ وَالْفَطِنَةِ. وَاحْتَجَّ ابْنُ الْقَطَّانِ عَلَى ابْنِ جَرِيرٍ بِأَنَّهُ وَافَقَ عَلَى وُقُوعِهِ فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ، وَهُمْ مُخْتَلِفُونَ فِيهِ، فَكَذَلِكَ الْقِيَاسُ، وَلَا يُقَالُ خَبَرُ الْوَاحِدِ أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: كِلَاهُمَا سَوَاءٌ فِي إجْمَاعِهِمْ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ. وَمِنْ السُّنَّةِ أَنَّ إمَامَةَ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ثَبَتَتْ بِالْقِيَاسِ، لِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: رَضِينَاهُ لِدِينِنَا أَفَلَا نَرْضَاهُ لِدُنْيَانَا. ثُمَّ اُعْتُرِضَ بِإِجْرَاءِ مِثْلِ ذَلِكَ فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى خَلْفَهُ، وَأَجَابَ بِالْفَرْقِ، وَهُوَ أَنَّ الصِّدِّيقَ أَمَرَهُ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَجَدَهُ يُصَلِّي، فَصَلَّى خَلْفَهُ، وَكَذَلِكَ صَدَقَةُ الْبَقَرِ ثَبَتَ [الْحُكْمُ] فِيهَا بِالنَّصِّ، ثُمَّ ثَبَتَ الْحُكْمُ فِي الْجَوَامِيسِ بِالْإِجْمَاعِ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْبَقَرِ، وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى مِيقَاتِ ذَاتِ عِرْقٍ وَلَمْ يَقَعْ النَّصُّ. قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ أَخْبَارًا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>