للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَحْوُ هَذَا {فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا} [الطور: ١٦] وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ.

[هَلْ الْخِلَافُ لَفْظِيٌّ أَوْ مَعْنَوِيٌّ؟] وَأَمَّا الثَّانِي: وَهُوَ أَنَّهُ هَلْ الْخِلَافُ لَفْظِيٌّ أَوْ مَعْنَوِيٌّ؟ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: إنَّهُ لَفْظِيٌّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ، وَابْنُ بَرْهَانٍ فِي الْأَوْسَطِ "، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي الْقَوَاطِعِ "، وَسُلَيْمٌ الرَّازِيَّ فِي التَّقْرِيبِ "، وَأَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ فِي الْمُعْتَمَدِ "، وَالْإِمَامُ الرَّازِيَّ فِي الْمَحْصُولِ ". قَالُوا: لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ لِاتِّفَاقِ الْكُلِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِتْيَانُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا، وَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ كَذَلِكَ، وَأَنَّهُ إذَا أُتِيَ بِوَاحِدٍ مِنْهَا كَفَى ذَلِكَ فِي سُقُوطِ التَّكْلِيفِ. وَلَكِنَّ مُرَادَ الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّ مَا مِنْ وَاحِدٍ يُفْعَلُ إلَّا يَقَعُ وَاجِبًا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ عَبْدُ الْجَبَّارِ فِي الْعُمْدَةِ "، وَلِهَذَا لَمْ يُصَحِّحَ الْإِمَامُ النَّقْلَ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ، فَقَدْ حَكَاهُ صَاحِبُ الْمُعْتَمَدِ " وَهُوَ الْقُدْوَةُ عِنْدَهُمْ، وَأُصُولُهُ تَقْتَضِي مَا نُقِلَ عَنْهُ، وَأَنَّ الْوُجُوبَ عِنْدَهُ يَتْبَعُ الْحَسَنَ الْخَاصَّ. فَيَجِبُ عِنْدَ التَّخْيِيرِ اسْتِوَاءُ الْجَمِيعِ فِي الْحَسَنِ الْخَاصِّ، وَإِلَّا وَقَعَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْوَاضِحِ ": قَدْ أَعْيَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الْعُلَمَاءَ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ فَمَا أَحَدٌ تَصَوَّرَ الْخِلَافَ فِيهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>