للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَوْتِهِمْ تَحْتَ هَدْمٍ دُفْعَةً، إذْ الْغَرَضُ انْتِهَاءُ عُمُرِهِمْ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ: لَا بُدَّ مِنْ انْقِضَاءِ مُدَّةٍ تُفِيدُ فَائِدَةً، فَإِنَّهُمْ قَدْ يُجْمِعُونَ عَلَى رَأْيٍ، وَهُوَ مُعَرَّضٌ لِلتَّغْيِيرِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ أَبْدَى الْخِلَافَ فِي مَسَائِلَ بَعْدَ اتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْكِبْرِيتِ الْأَحْمَرِ ": الْقَائِلُونَ بِالِاشْتِرَاطِ اخْتَلَفُوا، فَقِيلَ: هُوَ شَرْطٌ فِي انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ، وَقِيلَ: شَرْطٌ فِي كَوْنِهِ حُجَّةً، وَإِذَا قُلْنَا: إنَّ الِانْقِرَاضَ شَرْطٌ، فَعَلَامَ يُعْتَبَرُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. ذَكَرَهُ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيمَا بُنِيَ أَمْرُهُ عَلَى الْمُسَامَحَةِ، فَيَتَسَاهَلُ الْأَمْرُ فِيهِ. فَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِتْلَافِ: مِنْ قَتْلٍ، أَوْ قَطْعٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَهُ، لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ انْقِرَاضُ الْعَصْرِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ حَكَاهُ بَعْضُ شُرَّاحِ اللُّمَعِ ". ثُمَّ قَالَ إلْكِيَا: مُقْتَضَى اشْتِرَاطِ انْقِرَاضِ الْعَصْرِ أَنْ لَا يَسْتَقِرَّ الْإِجْمَاعُ مَا بَقِيَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَاحِدٌ، وَلَوْ لَحِقَهُمْ زُمْرَةٌ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ قَبْلَ أَنْ [يَنْقَرِضُوا] فَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ صَارُوا مُعْتَبَرِينَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَصَارَ خِلَافُهُمْ مُعْتَبَرًا، وَمَعَ هَذَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ انْقِرَاضُ عَصْرِ اللَّاحِقِينَ، فَإِنَّا لَوْ اعْتَبَرْنَا ذَلِكَ لَمْ يَسْتَقِرَّ الْإِجْمَاعُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللَّاحِقَ صَارَ كَالسَّابِقِ فِي اعْتِبَارِ قَوْلِهِ، وَإِذَا كَانَ اعْتِبَارُ قَوْلِهِ يَمْنَعُ مِنْ اسْتِقْرَارِ الْإِجْمَاعِ فَيَنْبَغِي عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ؛ لِأَنَّ الْمُخَالِفَ لَوْ خَالَفَ قَبْلَ انْقِرَاضِ عَصْرِ الْأَوَّلِينَ اُعْتُبِرَ خِلَافُهُمْ، فَإِذَا مَاتَ الْأَوَّلُونَ بَعْدَ تَحَقُّقِ انْقِرَاضِ الْعَصْرِ، فَيَنْبَغِي أَنْ تَصِيرَ الْمَسْأَلَةُ إجْمَاعِيَّةً. وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: إنْ كَانَ سُكُوتِيًّا اُشْتُرِطَ لِضَعْفِهِ، بِخِلَافِ الْقَوْلِيِّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>