للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ فِي دِيبَاجَةِ كِتَابِهِ الْمُحِيطِ " فِي إنْكَارِ إجْمَاعِ الْخَاصَّةِ: إنْ كَانَ مِنْ الْعُلَمَاءِ فَهُوَ مُرْتَدٌّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعَوَامّ فَفِي الْحُكْمِ بِرِدَّتِهِ وَجْهَانِ، وَعَلَيْهِمَا نَقْتُلُهُ. لَكِنْ عَلَى الثَّانِي نَقْتُلُهُ حَدًّا، وَعَلَى الْأَوَّلِ لِلرِّدَّةِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْفَضْلِ الْفَزَارِيّ فَقِيهُ الْحَرَمِ: مَنْ جَحَدَ أَصْلًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ كَفَرَ. وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: لَا يُكَفَّرُ إلَّا بِمَا اشْتَرَطْنَا فِي الْإِسْلَامِ إذَا أَنْكَرَهُ. وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ السُّهَيْلِيُّ فِي أَدَبِ الْجَدَلِ ": الْأَقْرَبُ أَنْ يُنْظَرَ فِي الْمُخَالِفِ لِلْإِجْمَاعِ، فَإِنْ كَانَ لَا يَعْتَقِدُ كَوْنَهُ حُجَّةً فَإِنَّهُ يُخَطَّأُ، وَيُفَسَّقُ، وَلَا يُكَفَّرُ، وَإِنْ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ حُجَّةٌ، فَإِنْ ثَبَتَ الْإِجْمَاعُ بِالتَّوَاتُرِ فَهُوَ كَافِرٌ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَانَدَةِ، وَإِنْ ثَبَتَ بِالْآحَادِ فَإِنَّهُ مُخْطِئٌ أَوْ فَاسِقٌ. وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْآمِدِيَّ، وَابْنِ الْحَاجِبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي غَايَةِ الْقَلِقِ، فَإِنَّهُمَا حَكَيَا مَذَاهِبَ فِي مُنْكِرِ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ، ثَالِثُهَا: الْمُخْتَارُ أَنَّ نَحْوَ الْعِبَادَاتِ الْخَمْسِ يَكْفُرُ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ قَوْلًا بِالتَّكْفِيرِ فِي الْأَمْرِ الْخَفِيِّ، وَقَوْلًا بِعَدَمِهِ فِي نَحْوِ الْعِبَادَاتِ الْخَمْسِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَعِبَارَةُ الْهِنْدِيِّ فِي النِّهَايَةِ " هُنَا فِي غَايَةِ الْحُسْنِ، فَإِنَّهُ قَالَ: جَاحِدُ الْحُكْمِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُجْمَعٌ بِإِجْمَاعٍ قَطْعِيٍّ لَا يَكْفُرُ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا: " مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ " لِأَنَّ مَنْ أَنْكَرَ وُجُوبَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَنَحْوَهَا يَكْفُرُ، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، لَكِنْ لَا لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، بَلْ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ مِنْ دِينِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِالْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ، لِأَنَّ جَاحِدَ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ الظَّنِّيِّ لَا يُكَفَّرُ وِفَاقًا. انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>