أَنَسٍ لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ، وَكَذَا قَوْلُنَا: أَجْمَعُوا عَلَى الْقَوْلِ بِالْقِيَاسِ، وَقَوْلُ ابْنِ حَزْمٍ: " أَجْمَعُوا عَلَى بُطْلَانِ الْقِيَاسِ " مَرْدُودٌ. وَحَكَى أَبُو الْحُسَيْنِ السُّهَيْلِيُّ فِي كِتَابِ أَدَبِ الْجَدَلِ " لَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا غَرِيبًا فَقَالَ: إذَا أَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ عَلَى قَوْلٍ، ثُمَّ أَجْمَعَ التَّابِعُونَ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ، فَعَنْ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - جَوَابَانِ. أَحَدُهُمَا: - وَهُوَ الْأَصَحُّ - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وُقُوعُ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ أَنَّ أُمَّتَهُ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى الضَّلَالَةِ. وَالثَّانِي: لَوْ صَحَّ وُقُوعُهُ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى التَّابِعِينَ الرُّجُوعُ إلَى قَوْلِ الصَّحَابَةِ؛ لِأَنَّا لَمَّا وَجَدْنَاهُمْ مُجْمِعِينَ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ، عَلِمْنَا كَوْنَهُمْ مُجْمِعِينَ فِيهِ، فَلَمْ يَجُزْ تَرْكُهُ بِمَا يَتَحَقَّقُ كَوْنُهُ حَقًّا، وَقِيلَ: إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَقٌّ وَصَوَابٌ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: فِي حُدُوثِ الْإِجْمَاعِ بَعْدَ سَبْقِ الْخِلَافِ بِأَنْ يَخْتَلِفَ أَهْلُ الْعَصْرِ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَسْأَلَةٍ لَمْ يَقَعْ الْإِجْمَاعُ مِنْهُمْ عَلَى أَحَدِهِمَا. وَالتَّفْرِيعُ عَلَى جَوَازِ صُدُورِهِ عَنْ الِاجْتِهَادِ كَمَا قَالَهُ إلْكِيَا، فَلِلْخِلَافِ حَالَتَانِ. إحْدَاهُمَا: أَنْ لَا يَسْتَقِرَّ، بِأَنْ يَكُونَ الْمُجْتَهِدُونَ فِي مُهْلَةِ النَّظَرِ، وَلَمْ يَسْتَقِرَّ لَهُمْ قَوْلٌ، كَخِلَافِ الصَّحَابَةِ لِأَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ، وَإِجْمَاعِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ. قَالَ الشَّيْخُ فِي اللُّمَعِ ": صَارَتْ الْمَسْأَلَةُ إجْمَاعِيَّةً بِلَا خِلَافٍ. وَحَكَى الْهِنْدِيُّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ أَنَّ الصَّيْرَفِيَّ خَالَفَ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ أَرَهُ فِي كِتَابِهِ، بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِ يُشْعِرُ بِالْوِفَاقِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ يَسْتَقِرُّ، وَيَمْضِي أَصْحَابُ الْخِلَافِ عَلَيْهِ مُدَّةً، وَفِيهِ مَسَائِلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute