للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَصْحَابِنَا، وَقَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ. وَنَقَلَهُ الْقَاضِي فِي التَّقْرِيبِ " عَنْ جُمْهُورِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَالْفُقَهَاءِ، قَالَ: وَبِهِ نَقُولُ، وَقَالَ سُلَيْمٌ الرَّازِيَّ: إنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا، وَأَكْثَرِ الْأَشْعَرِيَّةِ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ. وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: إلَيْهِ مَيْلُ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: وَمِنْ عِبَارَاتِهِ الرَّشِيقَةِ: الْمَذَاهِبُ لَا تَمُوتُ بِمَوْتِ أَرْبَابِهَا، أَيْ فَكَانَ الْخِلَافُ بَاقِيًا، وَإِنْ ذَهَبَ أَهْلُهُ.

وَقَالَ إلْكِيَا، وَابْنُ بَرْهَانٍ: ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّ حُكْمَ الْخِلَافِ لَا يَرْتَفِعُ. قُلْت: وَهُوَ يُبَايِنُ مَا سَبَقَ عَنْ الشَّافِعِيِّ مِنْ امْتِنَاعِهِ فِي الْعَصْرِ الْوَاحِدِ، فَهَاهُنَا، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ ": إنَّهُ أَصَحُّ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ الَّذِي نَصَرَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، وَنَقَلَ أَنَّهُمْ قَالُوا: إنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، أَنَّهُ قَالَ: حَدُّ الْخَمْرِ أَرْبَعُونَ؛ لِأَنَّهُ مَذْهَبُ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَدْ أَجْمَعُوا بَعْدَ هَذَا عَلَى أَنَّ حَدَّهُ ثَمَانُونَ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: نَرَى أَنَّهُ إذَا سَكِرَ هَذَى، وَإِذَا هَذَى افْتَرَى، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى هَذَا، وَلَمْ نَعُدَّهُ إجْمَاعًا؛ لِسِبْقِ خِلَافِ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قُلْت: وَلَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ نَقَضَ فِي الْجَدِيدِ قَضَاءَ مَنْ حَكَمَ بِبَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ لِأَجْلِ اتِّفَاقِ التَّابِعِينَ بَعْدَ خِلَافِ الصَّحَابَةِ، فَعُدَّ إجْمَاعًا، فَإِنَّهُ إنَّمَا اعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَجْمَعُوا عَلَى الْمَنْعِ، وَكَانَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيهِمْ، وَانْقِرَاضُ الْعَصْرِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>