للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقِيَاسِ فِي التَّوْحِيدِ وَإِثْبَاتِهِ فِي الْأَحْكَامِ إلَّا دَاوُد فَإِنَّهُ نَفَاهُ فِيهِمَا جَمِيعًا قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَهُ فِي التَّوْحِيدِ وَنَفَاهُ فِي الْأَحْكَامِ. وَأَطْلَقَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ دَاوُد وَالنَّهْرَوَانِيّ وَالْمَغْرِبِيِّ وَالْقَاشَانِيِّ أَنَّ الْقِيَاسَ مُحَرَّمٌ بِالشَّرْعِ.

وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ: فَأَمَّا دَاوُد فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنْ لَا حَادِثَةَ إلَّا وَفِيهَا حُكْمٌ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْقُرْآنِ أَوْ السُّنَّةِ أَوْ مَدْلُولٌ عَلَيْهِ بِفَحْوَى النَّصِّ وَدَلِيلِهِ، وَذَلِكَ مُغْنٍ عَنْ الْقِيَاسِ. فَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ مُفَصَّلًا، وَمِنْهَا مَا أَجْمَلَ ذِكْرَهُ فِي الْقُرْآنِ وَأَمَرَ نَبِيَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِالتَّفْصِيلِ وَالْبَيَانِ، وَمِنْهَا مَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ. وَمَا لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ فَحُكْمُهُ الْإِبَاحَةُ بِعَفْوِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عَنْ ذِكْرِهِ، وَتَرْكُهُ النَّصَّ عَلَى تَحْرِيمِهِ، أَوْ بِإِخْبَارٍ عَنْ فَاعِلٍ فَعَلَهُ مِنْ غَيْرِ ذَمٍّ لَهُ عَلَى فِعْلِهِ، أَوْ تُورَدُ الرِّوَايَةُ عَمَّا فَعَلَ بِحَضْرَتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَلَمْ يُنْكِرْهُ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: ذَهَبَ دَاوُد وَأَتْبَاعُهُ إلَى أَنَّ الْقِيَاسَ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى بَاطِلٌ وَلَا يَجُوزُ الْقَوْلُ بِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ: ذَهَبَ دَاوُد الْأَصْفَهَانِيُّ وَغَيْرُهُ إلَى أَنَّ التَّعَبُّدَ بِالْقِيَاسِ جَائِزٌ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَرِدْ، وَأَنَّ الْقَوْلَ بِهِ وَالْمَصِيرَ إلَيْهِ غَيْرُ جَائِزٍ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ الْقَاطِعِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَعَبَّدَنَا بِهِ. وَكَذَا نَقَلَ الشَّيْخُ فِي " اللُّمَعِ " أَنَّهُ يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ عَقْلًا إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ مَنَعَ. وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي " الْإِحْكَامِ ": ذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ إلَى إبْطَالِ الْقَوْلِ بِالْقِيَاسِ جُمْلَةً وَهُوَ قَوْلُنَا الَّذِي نَدِينُ اللَّهَ تَعَالَى بِهِ وَالْقَوْلُ بِالْعِلَلِ بَاطِلٌ قَالَ: وَذَهَبَ بَعْضُ مُنْكِرِي الْقِيَاسِ إلَى أَنَّ الشَّارِعَ إذَا جَعَلَ شَيْئًا مَا عِلَّةً لِحُكْمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>