فَحَيْثُمَا وُجِدَ ذَلِكَ وَجَبَ ذَلِكَ الْحُكْمُ، كَنَهْيِهِ عَنْ الذَّبْحِ بِالسِّنِّ. قَالَ: وَإِنَّمَا السِّنُّ عَظْمٌ فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ عَظْمٍ لَا يُذْبَحُ بِهِ. قَالَ: وَهَذَا لَا يَقُولُ بِهِ دَاوُد وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلُ قَوْمٍ لَا يُعْتَدُّ بِهِمْ مِنْ جُمْلَتِنَا كَالْقَاشَانِيِّ وَضُرَبَائِهِ، وَقَالُوا: أَمَّا مَا لَا نَصَّ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا لِسَبَبِ كَذَا. وَقَالَ دَاوُد وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ: لَا يَفْعَلُ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ الْأَحْكَامِ وَغَيْرِهَا لِعِلَّةٍ أَصْلًا، وَإِذَا نَصَّ الشَّارِعُ عَلَى أَنَّهُ لِكَذَا، أَوْ بِسَبَبِ كَذَا، أَوْ لِأَنَّهُ، فَهُوَ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ جَعَلَهُ سَبَبًا لِتِلْكَ الْأَحْكَامِ فِي تِلْكَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي جَاءَ النَّصُّ فِيهَا وَلَا تُوجِبُ تِلْكَ الْأَشْيَاءُ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْأَحْكَامِ وَغَيْرِ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ الْمُبَيَّنَةِ. ثُمَّ قَالَ: وَلَسْنَا نُنْكِرُ وُجُودَ بَعْضِ أَسْبَابِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ بَلْ نُثْبِتُهَا وَنَقُولُ بِهَا لَكِنْ نَقُولُ: إنَّهَا لَا تَكُونُ أَسْبَابًا إلَّا حَيْثُ جَعَلَهَا اللَّهُ أَسْبَابًا وَلَا يَتَعَدَّى بِهَا الْمَوْضِعُ الْمَنْصُوصُ عَلَى أَنَّهَا أَسْبَابٌ لَهُ انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَقَدْ عُرِفَ بِهِ مَذْهَبُ الظَّاهِرِيَّةِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَأَنَّ دَاوُد وَأَصْحَابَهُ لَا يَقُولُونَ بِالْقِيَاسِ، وَلَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ مَنْصُوصَةً، وَإِنَّمَا الْقَائِلُ بِهِ الْقَاشَانِيُّ وَضُرَبَاؤُهُ. وَنَقَلَ الْقَاضِي وَالْغَزَالِيُّ عَنْ الْقَاشَانِيِّ وَالنَّهْرَوَانِيّ الْقَوْلَ بِهِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ مَنْصُوصَةً أُومِئَ إلَيْهَا فِي الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَسْبَابِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute