كَرَجْمِ مَاعِزٍ لِزِنَاهُ، وَالْمُعَلَّقِ بِاسْمٍ مُشْتَقٍّ كَالسَّارِقِ، وَكَأَنَّهُمَا يَعْنِيَانِ بِهَذَا الْقِسْمِ تَنْقِيحَ الْمَنَاطِ. وَقَالَ الْقَاضِي: وَاخْتُلِفَ هَلْ هُمَا بِهَذَا مِنْ الْقَائِلِينَ بِالْقِيَاسِ أَمْ لَا؟ وَنَقَلَ الْآمِدِيُّ عَنْهُمَا الْقَوْلَ بِهِ فِي الْعِلَّةِ الْمَنْصُوصَةِ دُونَ مَا إذَا كَانَ الْحُكْمُ فِي الْفَرْعِ أَوْلَى بِهِ مِنْ الْأَصْلِ. وَنَقَلَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ عَنْ الْقَاشَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ حُكْمٍ وَقَعَ فِي شَخْصٍ لِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى حُكْمِ كُلِّ مَا وُجِدَ فِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ السَّبَبِ إنْ لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ. وَنُقِلَ عَنْ النِّهْرَوَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ: اُسْتُدِلَّ عَلَى الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ عَلَى السِّنَّوْرِ إذَا وَقَعَ قَالَ: وَهَذَا مِنْهُمَا اعْتِرَافٌ بِالْقِيَاسِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ فِي " أُصُولِهِ ": الْمُنْكِرُونَ لِلْقِيَاسِ كَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا التَّسْمِيَةَ وَإِلَّا فَهُمْ يَعْتَرِفُونَ بِهِ، وَهُوَ الْمَغْرِبِيُّ وَأَبُو سَعِيدٍ النَّهْرَوَانِيُّ وَالْقَاشَانِيُّ. أَمَّا الْقَاشَانِيُّ فَإِنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَسْتَدِلُّ بِأَنَّ الْكَلَامَ إذَا شَرَعَ عَلَى سَبَبٍ فِي شَخْصٍ، فَالْحُكْمُ لِلسَّبَبِ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ الشَّخْصَ وَأَنَّهُ يُسَاوِيهِ، فَإِنْ جَرَى عُلِمَ صِحَّتُهُ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ عُلِمَ بُطْلَانُهُ، وَيَدَّعِي أَنَّهُ يُبْطِلُ الْقِيَاسَ، فَهَلْ قَالَ أَصْحَابُ الْقِيَاسِ شَيْئًا غَيْرَ هَذَا؟ وَأَمَّا النَّهْرَوَانِيُّ فَإِنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِالْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ عَلَى السِّنَّوْرِ، وَزَعَمَ أَنَّ الْمُرَادَ النَّجَاسَةُ ثُمَّ سَلَكَا فِي النَّفَقَاتِ وَالْأَشْيَاءِ الظَّاهِرَةِ الْجَلِيَّةِ أَنَّهَا مَعْقُولَةٌ عَنْ الْخِطَابِ وَمَعْلُومَةٌ بِالْعَادَةِ. فَهَؤُلَاءِ مَا اهْتَدَوْا قَطُّ لِنَفْيِ الْقِيَاسِ. وَلَمْ يَنْفِ الْقِيَاسَ قَطُّ فِي الْأَحْكَامِ غَيْرُ إبْرَاهِيمَ (يَعْنِي النَّظَّامَ) مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ وَأَتْبَاعِهِ، وَمِنْ الْفُقَهَاءِ دَاوُد وَمَنْ بَعْدَهُ، وَكُلُّ هَؤُلَاءِ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَوْ قِيلَ لَنَا: حُرِّمَتْ الْخَمْرُ لِأَنَّهَا حُلْوَةٌ لَمْ يَحْرُمْ غَيْرُهَا مِنْ كُلِّ حُلْوٍ، وَسَوَاءٌ عَلَيْهِ قَالَ: لِأَنَّهُ حُلْوٌ أَوْ لَمْ يَقُلْ. انْتَهَى.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَقَدْ نُقِلَ عَنْ النَّظَّامِ إنْكَارُ الْقِيَاسِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute