وَهَذِهِ الْمَذَاهِبُ كُلُّهَا مَهْجُورَةٌ وَهُوَ خِلَافٌ حَادِثٌ بَعْدَ أَنْ تَقَدَّمَ الْإِجْمَاعُ بِإِثْبَاتِ الْقِيَاسِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ قَوْلًا وَعَمَلًا، قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَمَنْ ذَهَبَ إلَى رَدِّ الْقِيَاسِ فَهُوَ مَقْطُوعٌ بِخَطَئِهِ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ، مَحْكُومٌ بِكَوْنِهِ مَأْثُومًا. قَالَ الْقَاضِي: وَلَسْت أَعُدُّ مَنْ ذَهَبَ إلَى هَذَا الْمَذْهَبِ مِنْ عُلَمَاءِ الشَّرْعِ وَلَا أُبَالِي بِخِلَافِهِ. قَالَ الْغَزَالِيُّ: " وَهُوَ كَمَا قَالَ ". وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي شَرْحِهِ ": ذَكَرَ الْقَاضِي بَكْرُ بْنُ الْعَلَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْقَاضِيَ إسْمَاعِيلَ أَمَرَ بِدَاوُد مُنْكِرِ الْقِيَاسِ فَصُفِعَ فِي مَجْلِسِهِ بِالنِّعَالِ وَحَمَلَهُ إلَى الْمُوَفَّقِ بِالْبَصْرَةِ لِيَضْرِبَ عُنُقَهُ، لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّهُ جَحَدَ أَمْرًا ضَرُورِيًّا مِنْ الشَّرِيعَةِ فِي رِعَايَةِ مَصَالِحِ الْخَلْقِ وَالْجَلَّادُ فِي هَؤُلَاءِ أَنْفَعُ مِنْ الْجِدَالِ. انْتَهَى.
وَأَمَّا الْأَدِلَّةُ فَلَنَا مَسَالِكُ:
الْأَوَّلُ: دَلَالَةُ الْقُرْآنِ: وَمِنْ أَشْهَرِهَا قَوْله تَعَالَى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} [الحشر: ٢] وَقَدْ سُئِلَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى ثَعْلَبٌ وَهُوَ مِنْ أَئِمَّةِ اللِّسَانِ عَنْ " الِاعْتِبَارِ " فَقَالَ: أَنْ يَعْقِلَ الْإِنْسَانُ الشَّيْءَ فَيَعْقِلُ مِثْلَهُ. فَقِيلَ: أَخْبِرْنَا عَمَّنْ رَدَّ حُكْمَ حَادِثَةٍ إلَى نَظِيرِهَا أَيَكُونُ مُعْتَبَرًا؟ قَالَ: نَعَمْ هُوَ مَشْهُورٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. حَكَاهُ الْبَلْعَمِيُّ فِي كِتَابِ " الْغَرَرِ فِي الْأُصُولِ " وَقَالَ بَعْضُهُمْ: رَأَيْت الْقَاشَانِيُّ وَابْنَ سُرَيْجٍ قَدْ صَنَّفَا فِي الْقِيَاسِ نَحْوَ أَلْفِ وَرَقَةٍ، هَذَا فِي نَفْيِهِ، وَهَذَا فِي إثْبَاتِهِ. اعْتَمَدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute