(الْأَوَّلُ) قِيَاسُ التَّحْقِيقِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَتَرَدَّدَ حُكْمُ فَرْعٍ بَيْنَ أَصْلَيْنِ فَيَنْتَقِضُ بِرَدِّهِ إلَى أَحَدِهِمَا وَلَا يَنْتَقِضُ بِرَدِّهِ إلَى الْآخَرِ، فَيَرُدُّهُ إلَى الْأَصْلِ الَّذِي لَا يَنْتَقِضُ بِرَدِّهِ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ شَبَهًا دُونَ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ شَبَهًا، كَالْعَبْدِ يُمَلَّكُ، يَتَرَدَّدُ بَيْنَ الْبَهِيمَةِ وَالْحُرِّ فَلَمَّا انْتَقَضَ رَدُّهُ إلَى الْمِيرَاثِ حَيْثُ لَمْ يُمَلَّكْ بِهِ وَجَبَ رَدُّهُ إلَى الْبَهِيمَةِ لِسَلَامَتِهِ مِنْ النَّقْضِ، وَإِنْ كَانَ شَبَهُهُ بِالْأَحْرَارِ أَكْثَرَ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَتَرَدَّدَ الْفَرْعُ بَيْنَ أَصْلَيْنِ، فَيَسْلَمُ مِنْ النَّقْضِ رَدَّهُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَهُوَ بِأَحَدِ الْأَصْلَيْنِ أَكْثَرُ شَبَهًا، مِثْلُ أَنْ يُشْبِهَ أَحَدَهُمَا مِنْ وَجْهٍ وَالْآخَرَ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَوْ أَحَدَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ وَالْآخَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ، فَيُرَدُّ إلَى الْأَكْثَرِ. مِثَالُهُ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى طَرَفِ الْعَبْدِ فَيُرَدِّدُهُ بَيْنَ رَدِّهِ إلَى الْحُرِّ وَإِلَى الْبَهِيمَةِ، وَهُوَ يُشْبِهُ الْبَهِيمَةَ فِي أَنَّهُ مَمْلُوكٌ، وَيُوَرَّثُ عَيْنُهُ، وَيُشْبِهُ الْحُرَّ فِي أَنَّهُ آدَمِيٌّ مُخَاطَبٌ مُكَلَّفٌ يَجِبُ فِي قَتْلِهِ الْقَوَدُ وَالْكَفَّارَةُ وَجَبَ رَدُّهُ إلَى الْحُرِّ فِي تَقْدِيرِ أَرْشِ طَرَفِهِ دُونَ الْبَهِيمَةِ لِكَثْرَةِ شَبَهِهِ بِالْحُرِّ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَتَرَدَّدَ حُكْمُ الْفَرْعِ بَيْنَ أَصْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الصِّفَتَيْنِ، وَيُوجَدُ فِي الْفَرْعِ بَعْضُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الصِّفَتَيْنِ وَالْأَقَلُّ مِنْ الْأُخْرَى، فَيَجِبُ رَدُّهُ إلَى الْأَصْلِ الَّذِي فِيهِ أَكْثَرُ صِفَاتِهِ، مِثَالُهُ ثُبُوتُ الرِّبَا فِي السَّقَمُونْيَا، لِمَا تَرَدَّدَ بَيْنَ الْخَشَبِ فِي الْإِبَاحَةِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغِذَاءٍ، وَبَيْنَ الطَّعَامِ فِي التَّحْرِيمِ، لِأَنَّهُ مَأْكُولٌ، فَكَانَ رَدُّهُ إلَى الْغِذَاءِ فِي التَّحْرِيمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غِذَاءً أَوْلَى مِنْ رَدِّهِ إلَى الْخَشَبِ فِي الْإِبَاحَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غِذَاءً لِأَنَّ الْأَكْلَ أَغْلَبُ صِفَاتِهِ.
الثَّانِي: قِيَاسُ التَّقْرِيبِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ:
أَحَدُهَا: تَرَدُّدُ الْفَرْعِ بَيْنَ أَصْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ صِفَةً، وَقَدْ جَمَعَ الْفَرْعُ مَعْنَى الْأَصْلِ فَيَرْجِعُ فِي الْفَرْعِ إلَى أَغْلِبْ الصِّفَتَيْنِ، مِثَالُهُ فِي الْمَعْقُولِ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْأَصْلَيْنِ مَعْلُولًا بِالْبَيَاضِ وَالْآخَرُ مَعْلُولًا بِالسَّوَادِ، وَيَكُونَ الْفَرْعُ جَامِعًا بَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute