مَعْقُولٌ. وَأَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ تَرَبَّصَتْ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَاعْتَزَلَهَا الزَّوْجُ لَمْ يُعْتَدَّ بِذَلِكَ عِنْدَهُ، وَلَوْ طَلَبَ الشَّافِعِيُّ لِهَذَا أَصْلًا لَمْ يَجِدْهُ، وَلَكِنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ الْقَوَاعِدِ. وَمَنْ قَاسَ الرَّجْعِيَّةَ عَلَى الْبَائِنِ لَمْ يَتِمَّ لَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْمُخَالِفَ يَقُولُ: الْبَيْنُونَةُ هِيَ الْمُسْتَقِلَّةُ بِتَحْرِيمِ الْوَطْءِ وَالرَّجْعِيَّةُ لَيْسَتْ مِثْلَهَا.
النَّوْعُ الثَّالِثُ قِيَاسُ الْعَكْسِ وَهُوَ إثْبَاتُ نَقِيضِ الْحُكْمِ فِي غَيْرِهِ لِافْتِرَاقِهِمَا فِي عِلَّةِ الْحُكْمِ، كَذَا عَرَّفَهُ صَاحِبُ " الْمُعْتَمَدِ " " وَالْأَحْكَامِ " وَغَيْرِهِمَا. وَقَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ: إنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ، لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ أَنْوَاعِ الْعَكْسِ الْمُلَازِمَةِ الثَّابِتَةِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ: الْمَلْزُومُ نَقِيضُ الْمَطْلُوبِ، وَاللَّازِمُ مُنْتَفٍ. وَالدَّلِيلُ عَلَى الْمُلَازَمَةِ الْقِيَاسُ، كَقَوْلِنَا: لَوْ لَمْ تَجِبْ أَوَّلًا عَلَى الصَّبِيِّ لَمَا وَجَبَتْ عَلَى الْبَالِغِ، قِيَاسًا عَلَى الْوُجُوبِ عَلَى الصَّبِيِّ، وَاللَّازِمُ مُنْتَفٍ إجْمَاعًا فَيَنْتَفِي الْمَلْزُومُ. انْتَهَى وَقَدْ وَقَعَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ اسْتِعْمَالُ هَذَا النَّوْعِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢] وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيُؤْجَرُ؟ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ يَعْنِي: أَكَانَ يُعَاقَبُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَمَهْ يَعْنِي: أَنَّهُ إذَا وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ يَأْثَمُ، كَذَلِكَ إذَا وَضَعَهَا فِي حَلَالٍ» فَقَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute