للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إثْبَاتِ حَدٍّ بِهِ، وَإِنَّمَا تَكَلَّمُوا لِبَيَانِ الشُّبَهِ الْمُسْقِطَةِ لَهُ مَعَ تَحَقُّقِ إثْبَاتِهَا، وَسُقُوطُ الْحَدِّ لَيْسَ بِحَدٍّ فَيَصِحُّ الْقِيَاسُ. وَأَوْجَبُوا الْكَفَّارَةَ عَلَى الْقَتْلِ قِيَاسًا عَلَى الْمُجَامِعِ، وَعَلَى الْمَرْأَةِ كَالرَّجُلِ، وَعَلَى الْمُجَامِعِ نَاسِيًا فِي الْإِحْرَامِ، كَمَا لَوْ قَتَلَ الصَّيْدَ خَطَأً وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مِنْ نَصٍّ وَلَا عُمُومٍ وَلَا إجْمَاعٍ. فَأَجَابُوا بِأَنَّ هَذَا لَمْ نَعْلَمْهُ قِيَاسًا بَلْ اسْتِدْلَالًا بِالْأُصُولِ عَلَى الْأَحْكَامِ مُغَايِرٌ لِلْقِيَاسِ لِنَحْوِ السِّرِّ. وَهَذَا كُلُّهُ مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهَا غَيْرُ الْقِيَاسِ. ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ وَأَطَالَ، وَقَالَ: الَّذِي يَسْتَقِيمُ مَذْهَبًا لِلْمُحَصِّلِ عَلَى مَا يَرَاهُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ فِي إجْرَاءِ الْقِيَاسِ فِي أُصُولِ الْكَفَّارَاتِ وَأُصُولِ الْحُدُودِ كَإِلْحَاقِ الرِّدَّةِ، وَالْقَذْفِ بِالْقَتْلِ فِي الْكَفَّارَةِ وَكَإِلْحَاقِ مَنْ يُكَاتِبُ وَيُطْلِعُهُمْ عَلَى عَوْرَاتِنَا بِالسَّارِقِ مِنْ حَيْثُ إنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي التَّصَرُّفَ فِي عَلَائِقِ غَيْبٍ لَا يُهْتَدَى إلَيْهِ فَانْعَدَمَ طَرِيقُ الْقِيَاسِ. فَامْتَنَعَ الْقِيَاسُ مِنْ حَيْثُ إنَّ الَّذِي يُكَاتِبُ الْكُفَّارَ وَإِنْ زَادَ ضَرَرُ فِعْلِهِ عَلَى ضَرَرِ السَّارِقِ الْوَاحِدِ فَهُوَ بِالْإِضَافَةِ إلَى سَارِقٍ وَاحِدٍ، أَمَّا بِالْإِضَافَةِ إلَى الْجِنْسِ فَلَا مِنْ حَيْثُ إنَّ السَّرِقَةَ مِمَّا يَتَشَوَّفُ إلَيْهَا الرَّعَاعُ بِخِلَافِ مُكَاتَبَةِ الْمُسْلِمِ فَإِنَّهَا لَا تَكَادُ تُوجَدُ، أَوْ لَا يَظْهَرُ اسْتِوَاءُ السَّبَبِ، فَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ فَلَا يَجْرِي فِيهِ الْقِيَاسُ لِفَقْدِ الشَّرْطِ. تَنْبِيهَاتٌ

الْأَوَّلُ: أَشَارَ الْغَزَالِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى أَنَّ الْجَارِيَ فِي الْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ لَيْسَ قِيَاسًا بَلْ هُوَ تَنْقِيحُ الْمَنَاطِ وَكَذَلِكَ فِي الْأَسْبَابِ، وَنَازَعَهُ الْعَبْدَرِيّ فِي الْأَسْبَابِ، وَقَالَ: هِيَ تَخْرِيجٌ، لَا تَنْقِيحٌ.

الثَّانِي: قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ بِجَرَيَانِهِ فِي الْحُدُودِ زِيَادَةُ عُقُوبَةٍ فِي الْحَدِّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>