للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَسْبَابَ لَا تَنْتَصِبُ بِالِاسْتِنْبَاطِ، وَإِنَّمَا تَنْتَصِبُ بِإِيمَاءِ النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، وَإِذَا فَرَضْنَا الْقِيَاسَ فِي الْأَسْبَابِ فَلَا بُدَّ أَنْ نَفْرِضَ فِيهَا جِهَةً عَامَّةً كَالْإِيلَاجِ، وَجِهَةً خَاصَّةً لِكَوْنِهِ فَرْجًا لِآدَمِيَّةٍ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى زِنًى بِلَفْظِ السَّبَبِ، وَيَتَنَاوَلُ أَمْرَيْنِ أَعَمَّ وَأَخَصَّ، وَلَا يَنْتَظِمُ الْقِيَاسُ إلَّا بِحَذْفِ الْأَخَصِّ عَنْ دَرَجَةِ الِاعْتِبَارِ لِيَتَغَيَّرَ الْأَعَمُّ، إذْ لَوْ كَانَ الْأَخَصُّ بَاقِيًا عَلَى تَقْيِيدِهِ لَاسْتَحَالَ الْقِيَاسُ، وَإِذَا حُذِفَ الْأَخَصُّ عَنْ كَوْنِهِ مُرَادَ اللَّفْظِ بَقِيَ الْأَعَمُّ وَهُوَ مُرَادُ النَّصِّ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْقِيَاسُ فِي الْأَسْبَابِ تَنْقِيحَ مَنَاطٍ، وَتَنْقِيحُ الْمَنَاطِ، حَاصِلُهُ تَأْوِيلٌ ظَاهِرٌ، وَهُوَ يَتَوَقَّفُ عَلَى دَلِيلٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى قَبُولِ الْمَسْلَكِ الَّذِي سَمَّاهُ مَنْ سَمَّاهُ قِيَاسًا فِي الْأَسْبَابِ، لِاتِّفَاقِنَا عَلَى قَبُولِ تَأْوِيلِ الظَّاهِرِ بِالدَّلِيلِ، فَلَا حَجْرَ فِي التَّسْمِيَةِ، وَلَا مَنْعَ مِنْ تَسْمِيَتِهِ قِيَاسًا، لِأَنَّ فِيهِ صُورَةَ النُّطْقِ فِي مَوْضِعٍ وَالسُّكُوتَ فِي مَوْضِعٍ، وَوُجُودُ قَدْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ وَهُوَ سَبَبُ الِاشْتِرَاكِ فِي الْحُكْمِ، غَيْرَ أَنَّ امْتِيَازَ الْمَحَلَّيْنِ نُطْقًا وَسُكُوتًا إنَّمَا كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى الظَّاهِرِ الَّذِي قَامَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، فَلِهَذَا تَكَدَّرَتْ التَّسْمِيَةُ وَالْخَطْبُ يَسِيرٌ.

مَسْأَلَةٌ

كُلُّ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ أَمْكَنَ تَعْلِيلُهُ يَجْرِي الْقِيَاسُ فِيهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَجُوزُ إثْبَاتُ جَمِيعِ الشَّرْعِيَّاتِ بِالْقِيَاسِ خِلَافًا لِمَنْ شَذَّ، وَقَدْ سَبَقَتْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>