للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ

ذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقِيَاسُ إلَّا عَنْ أَمَارَةٍ، وَلَا يَجُوزُ عَنْ دَلَالَةٍ لِلِاسْتِغْنَاءِ بِهَا، حَكَاهُ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي " الْمِيزَانِ " وَهُوَ غَرِيبٌ. وَقَدْ نَقَلَ جَمَاعَةٌ الِاتِّفَاقَ عَلَى جَوَازِ الْإِجْمَاعِ عَنْ دَلَالَةٍ.

مَسْأَلَةٌ

ذَهَبَ أَبُو هَاشِمٍ إلَى أَنَّ الْقِيَاسَ الشَّرْعِيَّ إنَّمَا يَجُوزُ فِي تَعْيِينِ مَا وَرَدَ النَّصُّ بِهِ عَلَى الْجُمْلَةِ فَيُعْرَفُ بِالْقِيَاسِ تَفْصِيلُهُ، كَوُرُودِ النَّصِّ بِالتَّوَجُّهِ إلَى الْكَعْبَةِ، وَبِجَزَاءِ الصَّيْدِ، وَبِتَحْرِيمِ الرِّبَا فَيَجُوزُ أَنْ يُعْرَفَ بِالْقِيَاسِ مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ، وَصِفَةِ الْمِثْلِ فِي الْجَزَاءِ، وَتَفْصِيلِ مَا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا، وَلَا يَجُوزُ قِيَاسُ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ عَلَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَدْخُلْ فِي الِاسْمِ الَّذِي وَرَدَ بِهِ النَّصُّ. وَأَمَّا إثْبَاتُ مَسْأَلَةٍ لَمْ يَرِدْ فِيهَا النَّصُّ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُبْتَدَأَ إلْحَاقُهَا بِالْقِيَاسِ وَلِهَذَا لَمَّا ثَبَتَ بِالنَّصِّ مِيرَاثُ الْأَخِ جَازَ إثْبَاتُ إرْثِهِ مَعَ الْجَدِّ بِالْقِيَاسِ. قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ: وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ جَوَازُ الْقِيَاسِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ جَمِيعًا كَقِيَاسِ الصَّلَاةِ عَلَى الزَّكَاةِ وَالْعَكْسِ، وَالْكَفَّارَةِ عَلَى الزَّكَاةِ، وَالصِّيَامِ عَلَى الصَّلَاةِ وَنَحْوِهِ فِي أَنْوَاعِ الْأَحْكَامِ. وَقَالَ إلْكِيَا: مَا قَالَهُ أَبُو هَاشِمٍ هُوَ عَيْنُ مَا حَكَيْنَاهُ عَنْ أَبِي زَيْدٍ وَأَبْطَلْنَاهُ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِهِ أَنَّ الْأَوَّلِينَ أَثْبَتُوا قَوْلَ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ بِالْقِيَاسِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ نَصٌّ عَلَى وَجْهِ الْجُمْلَةِ، لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى: {لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: ٨٧] أَمَارَةٌ فِي الْمَنْعِ مِنْ تَحْرِيمِ ذَلِكَ، وَلَا يُفِيدُ حُكْمُهُ إذَا وَقَعَ التَّحْرِيمُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: عَلِمُوا أَصْلًا غَابَ عَنَّا فَيُقَالُ: رَأَيْنَاهُمْ يَتَشَرَّفُونَ لِلْقِيَاسِ بِاتِّبَاعِ الْأَوْصَافِ الْمُخَيِّلَةِ الْمُؤَثِّرَةِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إلَى جُمَلٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>