مَسْأَلَةٌ حَكَى سُلَيْمٌ الرَّازِيَّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْعُمُومَ إذَا خُصَّ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُسْتَنْبَطَ مِنْهُ مَعْنًى يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، لِأَنَّهُ إذَا خُصَّ صَارَ الْحُكْمُ ثَابِتًا بِقَرِينَةٍ، فَإِذَا اُسْتُنْبِطَ الْمَعْنَى مِنْهُ لَمْ يَصِحَّ اجْتِمَاعُ الْمَعْنَى مَعَ تِلْكَ الْقَرِينَةِ، فَإِنَّ الْمَعْنَى يَقْتَضِي الْعُمُومَ وَالْقَرِينَةَ تَقْتَضِي الْخُصُوصَ فَلَا يَصِحُّ اجْتِمَاعُهُمَا، قَالَ: وَهَذَا قَوْلٌ فَاسِدٌ، لِأَنَّ اللَّفْظَ إذَا خُصَّ خَرَجَ مِنْهُ مَا لَيْسَ بِمُرَادٍ فَبَقِيَ الْبَاقِي ثَابِتًا بِاللَّفْظِ فَيَصِيرُ كَأَنَّ الْحُكْمَ لِلْبَاقِي وَرَدَ ابْتِدَاءً، فَجَازَ اسْتِنْبَاطُ الْمَعْنَى مِنْهُ.
مَسْأَلَةٌ
الْقِيَاسُ الْجُزْئِيُّ إذَا لَمْ يَرِدْ نَصٌّ عَلَى وَفْقِهِ مَعَ عُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ خَرَّجَ فِيهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَيْنِ كَانَ الْخِلَافُ فِي ضَمَانِ الدَّرْكِ بِأَنَّ الْقِيَاسَ الْجُزْئِيَّ يَقْتَضِي مَنْعَهُ، لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ، وَلَكِنَّ عُمُومَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ لِمُعَامَلَةِ الْغُرَمَاءِ وَغَيْرِهِمْ يَقْتَضِي جَوَازَهُ وَلَمْ يُنَبِّهْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِ فَمَنَعَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ عَلَى مُقْتَضَى الْقِيَاسِ، وَالصَّحِيحُ صِحَّتُهُ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ لَا قَبْلَهُ، لِأَنَّهُ وَقْتَ الْحَاجَةِ الْمُؤَكَّدَةِ وَاخْتَارَ الْإِمَامُ جَوَازَهُ مُطْلَقًا لِأَصْلِ الْحَاجَةِ. وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي " الْبُرْهَانِ " عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى أَقْسَامِ الْمُنَاسَبَةِ: إنَّ مَا ابْتَنَى عَلَى الْحَاجَةِ كَالْإِجَارَةِ لَا خِلَافَ فِي جَرَيَانِ قِيَاسِ الْجُزْءِ مِنْهُ عَلَى الْجُزْءِ، فَأَمَّا اعْتِبَارُ غَيْرِ ذَلِكَ الْأَصْلِ مَعَ جَامِعِ الْحَاجَةِ فَهَذَا امْتَنَعَ مِنْهُ مُعْظَمُ الْقِيَاسِيِّينَ. ثُمَّ أَشَارَ إلَى جَوَازِهِ وَقَالَ: فَإِذَنْ الْقِيَاسُ عَلَى الْإِجَارَةِ إذَا اسْتَجْمَعَ الشَّرَائِطَ لَا يَضُرُّ.
وَالِاسْتِصْلَاحُ
الْجُزْئِيُّ فِي مُقَابَلَةِ الْوُجُودِ بِالْمَوْجُودِ، وَهَذَا كَقِيَاسِ النِّكَاحِ مَثَلًا فِي وَجْهِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ عَلَى الْإِجَارَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute