وَهُوَ خَطَأٌ، لِأَنَّهُمْ لَا يُجَوِّزُونَ وُرُودَ الْأَخْبَارِ بِشَيْءٍ تُخَالِفُهُ الْأُصُولُ، لِأَنَّهَا أُصُولٌ فِي أَنْفُسِهَا فَقِيَاسٌ عَلَيْهَا حَيْثُ وُجِدَتْ الْعِلَّةُ، لِأَنَّهَا مُوجِبَةٌ لِلْحُكْمِ.
وَقَالَ إلْكِيَا: الْمَخْصُوصُ بِالذِّكْرِ قَدْ يَقَعُ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ وَأَكْثَرُ الْقِيَاسِ كَذَلِكَ، وَالْمَخْصُوصُ بِالْمَعْنَى لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ اخْتَصَّ بِمَعْنَاهُ فَلَمْ يُوجَدْ فِي غَيْرِهِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْجَامِعِ. ثُمَّ قَسَّمَهُ إلَى مَا سَبَقَ.
وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ: قَالَ أَصْحَابُنَا: الْمَخْصُوصُ بِالْمَعْنَى لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ. لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ خُصَّ الْحُكْمُ مَفْقُودٌ فِي غَيْرِ مَا وَرَدَ الْحُكْمُ فِيهِ، بِخِلَافِ الْمَخْصُوصِ بِالِاسْمِ فَقَطْ قَالَ الْأُسْتَاذُ: جُمْلَةُ مَا يَمْتَنِعُ الْقِيَاسُ فِي الْأُصُولِ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ:
أَحَدُهَا: تَخْصِيصُ غَيْرِهِ بِالذِّكْرِ وَإِفْرَادُهُ بِالْحُكْمِ خُصُوصًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: ٥٠] وَذَلِكَ فِي النِّكَاحِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ أَوْ بِلَا مَهْرٍ أَصْلًا. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِأَبِي بُرْدَةَ: «وَلَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَك» .
الثَّانِي: تَخْصِيصُ مَكَان بِحُكْمٍ مَخْصُوصٍ كَقَوْلِهِ فِي مَكَّةَ: «أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا لِأَحَدٍ بَعْدِي» .
وَالثَّالِثُ: تَخْصِيصُ حَالٍ مِنْ أَحْوَالِ الْإِنْسَانِ كَتَخْصِيصِ حَالِ الضَّرُورَةِ بِإِبَاحَةِ الْمَيْتَةِ:
الرَّابِعُ: وُقُوعُ التَّغْلِيظِ فِي جِنْسٍ مِنْ الْأَحْكَامِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ تَخْصِيصًا بِهِ وَحْدَهُ، كَتَغْلِيظِ الْأَيْمَانِ فِي الْقَسَامَةِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا التُّهْمَةُ فِي قَتْلِ الْبَهِيمَةِ.
الْخَامِسُ: الرُّخَصُ كَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ الْمَسْحُ عَلَى الْبُرْقُعِ وَالْقُفَّازَيْنِ، وَكَالِاسْتِنْجَاءِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ أَثَرُ النَّجَاسَةِ عَلَى الثَّوْبِ فَهَذِهِ الْخَمْسَةُ لَا يَجُوزُ عَلَيْهَا الْقِيَاسُ عِنْدَنَا قَالَ: وَأَمَّا فِي الْمَخْصُوصِ مِنْ الْعَامِّ، فَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى يُوجَدُ فِي غَيْرِهِ جَازَ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ، كَالْأَمَةِ فِي تَنْصِيفِ حَدِّهَا قِيسَ عَلَيْهَا الْعَبْدُ بِعِلَّةِ الرِّقِّ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَعْنًى لَمْ يَجُزْ كَإِيجَابِ الْغُرَّةِ فِي الْجَنِينِ، لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ الْمَلْفُوفُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute