للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعْتِبَارَهَا هُوَ الْأَصْلُ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الْمَظِنَّةُ لِلتَّسْهِيلِ.

وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ يَنْبَنِي خِلَافُهُمَا فِي الْمُصَابَةِ بِالزِّنَى، هَلْ تُعْطَى حُكْمَ الْأَبْكَارِ أَوْ الثَّيِّبَاتِ فِي السُّكُوتِ؟ فَإِنْ قَطَعَ بِانْتِفَاءِ الْحِكْمَةِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ كَاسْتِبْرَاءِ الصَّغِيرَةِ فَإِنَّهُ شُرِعَ لِتَبَيُّنِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي الصَّغِيرَةِ، فَقَالَ الْغَزَالِيُّ وَتِلْمِيذُهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: ثَبَتَ الْحُكْمُ بِالْمَظِنَّةِ، فَإِنَّ الْحُكْمَ قَدْ صَارَ مُتَعَلِّقًا بِهَا، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْجَدَلِيُّونَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لِانْتِفَاءِ الْحِكْمَةِ فَإِنَّهَا أَصْلُ الْعِلَّةِ، وَقَالَ ابْنُ رَحَّالٍ: التَّعْلِيلُ بِالْحِكْمَةِ مُمْتَنِعٌ عِنْدَ مَنْ يَمْنَعُ الْقِيَاسَ فِي الْأَسْبَابِ، وَجَائِزٌ عِنْدَ مَنْ جَوَّزَهُ. فَرْعَانِ فِيهِمَا نَظَرٌ:

الْأَوَّلُ: هَلْ الْعِلَّةُ حَقِيقَةٌ فِي الْوَصْفِ الْمُتَرْجَمِ عَنْ الْحِكْمَةِ مَجَازٌ فِي الْحِكْمَةِ؟ أَوْ الْعَكْسُ، لِأَنَّ الْحِكْمَةَ هِيَ الْمَقْصُودَةُ اعْتِبَارًا وَالْمُلَاحَظُ بِالْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ مَعْنَاهَا وَتَوَسُّطُ الْوَصْفِ مَقْصُودٌ لِأَجْلِهَا.

الثَّانِي: إذَا وُجِدَ مَحَلٌّ قَابِلٌ لِلتَّعْلِيلِ بِالْوَصْفِ وَالْحِكْمَةِ، وَالْحِكْمَةُ نَهَضَتْ بِشَرْطِهَا وَسَارَتْ الْعِلَّةُ فِي تَأْثِيرِ التَّعْدِيَةِ بِإِلْحَاقِ فُرُوعٍ تُنْشِئُ أَحْكَامًا مِنْ الْأَصْلِ، فَالْأَوْلَى فِي النَّظَرِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْوَصْفِ أَوْ الْحِكْمَةِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ:

أَحَدُهُمَا: الْوَصْفُ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى التَّعْلِيلِ بِهِ وَاخْتِلَافِهِمْ فِي الثَّانِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>