للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَمَّا عَلَى وَجْهِ تَخْصِيصِهَا فَلَا، وَإِنَّمَا هَذَا اعْتِذَارٌ وَتَحَامٍ عَنْ الْقَوْلِ بِتَخْصِيصِهَا. وَنَقَلَ ابْنُ فُورَكٍ وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ وَغَيْرُهُمَا عَنْ الشَّافِعِيِّ الْمَنْعَ.

وَقَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْأَوْسَطِ ": إنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ بِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ بَاطِلٌ، وَأَنَّ الْقَاضِيَ قَالَ: لَوْ صَحَّ عِنْدِي أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ بِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ مَا كُنْت أُعِدُّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأُصُولِيِّينَ. وَذَكَرَ صَاحِبُ " الْمُعْتَمَدِ " أَنَّ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ جَوَازَهُ، قَالَ: وَذَكَرَ أَقْضَى الْقُضَاةِ يَعْنِي عَبْدَ الْجَبَّارِ - فِي " الشَّرْحِ " أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يُجِيزُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَعْدِلُ عَنْ حُكْمِ عِلَّةٍ إلَى عِلَّةٍ أُخْرَى. وَالْمَعْلُومُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ شَرَطَ فِي الْعِلَّةِ التَّأْثِيرَ حَتَّى لَا تُنْتَقَضَ.

قُلْت: وَفِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فِي " الْأُمِّ " مَا يَقْتَضِي الْجَوَازَ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَيَسُنُّ سُنَّةً فِي نَصٍّ مُعَيَّنٍ فَيَحْفَظُهَا حَافِظٌ وَلَيْسَ يُخَالِفُهُ فِي مَعْنًى، وَيُجَامِعُهُ سَنَةً غَيْرَهَا لِاخْتِلَافِ الْحَالَيْنِ فَيَحْفَظُ غَيْرَهُ تِلْكَ السَّنَةَ. فَإِذَا أَدَّى كُلَّ مَا حَفِظَ رَأَى بَعْضُ السَّامِعِينَ اخْتِلَافًا، وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُخْتَلِفٌ، انْتَهَى. وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ ابْنُ اللَّبَّانِ فِي " تَرْتِيبِ الْأُمِّ " جَوَازَ تَخْصِيصِ الْعِلَّةِ وَأَنَّ الْمُنَاسَبَةَ لَا تَبْطُلُ بِالْمُعَارَضَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>