للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ

قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: التَّحْقِيقُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ لَا يُتَصَوَّرُ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ فِي الْعَدَمِ الْمَحْضِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إضَافَةٌ إلَى شَيْءٍ فَلَا يُعَلَّلُ بِهِ قَطْعًا، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَعْدَامِ الْمُضَافَةِ فَيَصِحُّ أَنْ يُعَلَّلَ بِهَا قَطْعًا، كَمَا تَكُونُ شُرُوطًا، خُصُوصًا فِي الشَّرْعِيَّةِ فَهِيَ أَمَارَاتٌ. فَلْيُتَأَمَّلْ. وَجَعَلَ النَّصِيرُ الطُّوسِيُّ فِي " شَرْحِ التَّحْصِيلِ " الْخِلَافَ فِي الْعَدَمِ الْمُقَيَّدِ، كَمَا يُقَالُ: عَدَمُ الْمَالِ عِلَّةُ الْفَقْرِ، أَمَّا الْمُطْلَقُ فَلَا يُعَلَّلُ وَلَا يُعَلَّلُ بِهِ قَطْعًا. الثَّانِي

أَنَّ الْخِلَافَ يَجْرِي فِي الْجُزْءِ أَيْضًا، فَالْمَانِعُونَ اشْتَرَطُوا أَنْ لَا يَكُونَ الْعَدَمُ جُزْءًا مِنْ الْعِلَّةِ كَمَا يَكُونُ كُلًّا. وَالْمُجَوِّزُونَ فِي الْكُلِّ جَوَّزُوهُ فِي الْجُزْءِ.

الثَّالِثُ لَوْ وَرَدَ مِنْ الشَّرْعِ لَفْظٌ يَدُلُّ بِظَاهِرِهِ عَلَى ثُبُوتِ تَعْلِيلِ الثُّبُوتِ بِالْعَدَمِ نَحْوُ: أُثْبِتَ حُكْمٌ بِهَذَا الْعَدَمِ كَذَا فَقَالَ الْبَزْدَوِيُّ - وَهُوَ مِنْ الْمَانِعِينَ -: يَتَعَيَّنُ تَأْوِيلُ اللَّفْظِ وَحَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ التَّعْلِيلِ مِنْ تَأْقِيتٍ أَوْ غَيْرِهِ، جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ. وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ التَّعْلِيلَ عِنْدَهُ عِبَارَةٌ عَنْ نَصْبِ الْأَمَارَةِ خَاصَّةً، فَإِذَا حُمِلَ الْكَلَامُ عَلَى التَّأْقِيتِ رَجَعَ إلَى الْأَمَارَةِ فَكَأَنَّهُ فَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ فَوَقَعَ فِي التَّعْلِيلِ فَرْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْعَدَمَ لَا يُعَلَّلُ قَالُوا: إنَّ الْمَعْدُومَ وَالْمَوْجُودَ رُتْبَةٌ ثَالِثَةٌ وَهِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>