وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَنْ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ سُدُسُ الدِّيَةِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَجْعَلُ مَجْمُوعَ الْإِحْصَانِ وَالزِّنَى عِلَّةً لِلرَّجْمِ وَلِذَلِكَ قَالَ: إنْ رَجَعَ شُهُودُ الْإِحْصَانِ فَعَلَيْهِمْ ثُلُثُ الدِّيَةِ، أَوْ شُهُودُ الزِّنَى فَثُلُثَاهَا، وَهَذَا إذَا كَانَ شُهُودُ الزِّنَى غَيْرَ شَاهِدَيْ الْإِحْصَانِ فَإِنْ كَانَا مِنْ شُهُودِ الزِّنَى فَعَلَيْهِمَا بِرُجُوعِهِمَا عَنْ شَهَادَةِ الْإِحْصَانِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَبِرُجُوعِهِمَا عَنْ شَهَادَةِ الزِّنَى ثُلُثَا الدِّيَةِ وَإِنْ شَهِدَ الْأَرْبَعَةُ عَلَى الْإِحْصَانِ وَالزِّنَى فَالْحُكْمُ وَاضِحٌ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: هَذَا إذَا كَانَ شُهُودُ الْإِحْصَانِ غَيْرَ شُهُودِ الزِّنَى، فَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ فَالدِّيَةُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ. وَقِيلَ: إنْ رَجَعُوا كُلُّهُمْ فَعَلَى هَؤُلَاءِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَعَلَى الْآخَرِينَ النِّصْفُ، وَعَلَى هَذَا قَوْلُ مَنْ رَأَى أَنَّ الْأَوْصَافَ عِلَّةٌ لِلْحُكْمِ. قُلْت: وَالرَّاجِحُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ شُهُودَ الْإِحْصَانِ لَا يَغْرَمُونَ (قَالَ) : وَأَمَّا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي شُهُودِ الْعِتْقِ وَشُهُودِ الْجِنَايَةِ فِي الْعَبْدِ فَإِذَا رَجَعُوا كُلُّهُمْ فَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ ضَمَانَ الْجِنَايَةِ عَلَى شُهُودِ الْجِنَايَةِ، وَضَمَانَ الْقِيمَةِ عَلَى شُهُودِ الْعِتْقِ، وَأَبْطَلَ أَبُو ثَوْرٍ الْعِتْقَ.
مَسْأَلَةٌ
يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عِلَّةُ الْحُكْمِ وَصْفًا لَازِمًا بِالْإِجْمَاعِ، كَتَعْلِيلِنَا تَحْرِيمَ الرِّبَا فِي الْمَطْعُومَاتِ بِإِمْكَانِ الطُّعْمِ مِنْهَا، وَكَتَعْلِيلِ أَهْلِ الرَّأْيِ تَحْرِيمَ النِّسَاءِ بِالْجِنْسِ وَحْدَهُ، نَقَلَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ قَالَ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ وَصْفًا غَيْرَ لَازِمٍ لِلْمَعْلُومِ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ مُرَكَّبَةً مِنْ أَوْصَافٍ بَعْضُهَا لَازِمٌ وَبَعْضُهَا ثَابِتٌ بِالشَّرْعِ أَوْ الْعَادَةِ، كَتَعْلِيلِنَا فِي الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ بِالْجِنْسِ، وَكَوْنُهُ نَقْدًا عَامًّا، وَالْجِنْسُ: وَصْفٌ لَازِمٌ، وَكَوْنُهُ عَامًّا: بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute