للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَقْضِهَا، وَالْعِدَّةُ وَالرِّدَّةُ إنَّمَا جُعِلَتَا عِلَّةً فِي مَنْعِ ابْتِدَاءِ عِلَّةِ عَقْدِ النِّكَاحِ، وَهُمَا عِلَّةٌ فِي مَنْعِ ذَلِكَ بِكُلِّ حَالٍ، وَلَمْ يُجْعَلَا عِلَّةً فِي مَنْعِ الِاسْتِدَامَةِ، فَلَا يُقَالُ: إنَّ اسْتِدَامَتَهُ تَجُوزُ مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا أَشْبَهَهُ.

(الثَّالِثُ) : عَكْسُهُ، كَالطَّلَاقِ، فَإِنَّهُ يَرْفَعُ حِلَّ الِاسْتِمْتَاعِ وَلَكِنْ لَا يَدْفَعُهُ، إذْ الطَّلَاقُ لَا يَمْنَعُ وُقُوعَ نِكَاحٍ جَدِيدٍ. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَجُمْلَةُ الْكَلَامِ فِي هَذَا أَنَّ الْعِلَلَ عَلَى حَسَبِ مَا رَتَّبَهَا اللَّهُ وَنَصَبَهَا، فَإِنْ نَصَبَهَا لِلِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ، أَوْ لِأَحَدِهِمَا، كَانَتْ لَهُ. وَقَدْ أَطَالَ أَصْحَابُنَا الْكَلَامَ مَعَ الْمُزَنِيّ فِيمَا إذَا تَزَوَّجَ بِالْأَمَةِ ثُمَّ أَيْسَرَ، هَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ؟ فَإِنَّهُ ذَهَبَ إلَى انْفِسَاخِهِ كَالِابْتِدَاءِ، وَنَاقَضَ فِي ذَلِكَ فَجَوَّزَهُ مَعَ ارْتِفَاعِ الْعَنَتِ وَهُوَ لَا يَحِلُّ فِي الِابْتِدَاءِ. فَالْوَاجِبُ اعْتِبَارُ مَا نَصَبَهُ تَعَالَى دُونَ الِاشْتِغَالِ بِأَعْيَانٍ. وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي أَكْلِ الْمَيْتَةِ مُضْطَرًّا فِي الِابْتِدَاءِ غَيْرَ مُضْطَرٍّ فِي الِانْتِهَاءِ، هَلْ يَأْكُلُ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الضَّرُورَةِ؟ فَخَرَّجَهُ عَلَى قَوْلَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) أَنَّهُ يَأْكُلُ، وَ (الثَّانِي) لَا، مِنْ حَيْثُ إنَّهُ قَدْ ارْتَفَعَتْ الْعِلَّةُ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا: الشَّيْءُ إذَا أُبِيحَ لِمَعْنَيَيْنِ فَارْتَفَعَ أَحَدُهُمَا هَلْ يُبَاحُ أَوْ يَرْجِعُ إلَى الضِّدِّ؟ وَقِيلَ: لَا حَتَّى يَرْتَفِعَ الْمَعْنَيَانِ جَمِيعًا. وَعِنْدَنَا أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى مَا نُصِبَ لَهُ قُلْت: وَهَذَا الْخِلَافُ حَكَاهُ الْقَاضِي فِي الْحُكْمِ الْعَقْلِيِّ إذَا وَجَبَ بِعِلَّتَيْنِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ.

مَسْأَلَةٌ

فِي تَعَدُّدِ الْعِلَلِ مَعَ اتِّحَادِ الْحُكْمِ وَعَكْسِهِ: يَجُوزُ تَعْلِيلُ الْحُكْمِ الْوَاحِدِ بِالنَّوْعِ الْمُخْتَلِفِ بِالْجِنْسِ لِشَخْصٍ بِعِلَلٍ مُخْتَلِفَةٍ بِالِاتِّفَاقِ، كَتَعْلِيلِ إبَاحَةِ قَتْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>