للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِي

زَعَمَ صَاحِبُ الْمُسَوَّدَةِ أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ، لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَمْنَعُ قِيَامَ وَصْفَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا لَوْ انْفَرَدَ لَاسْتَقَلَّ بِالْحُكْمِ، لَكِنْ هَلْ نَقُولُ: الْحُكْمُ مُضَافٌ إلَيْهِمَا أَمْ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ فِي الْمَحَلِّ حُكْمَانِ؟ [قَالَ] : وَيَجْتَمِعُ لِلْأَصْحَابِ فِيهَا أَرْبَعَةٌ: [أَحَدُهَا] تَعْلِيلُ الْحُكْمِ الْوَاحِدِ بِعِلَّتَيْنِ مُطْلَقًا. وَ [الثَّانِي] التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْمَنْصُوصَةِ وَالْمُسْتَنْبَطَةِ. وَ [الثَّالِثُ] أَنْ يَجْتَمِعَ فِي الْمَحَلِّ الْوَاحِدِ حُكْمَا الْعِلَّتَيْنِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَحْدَاثِ إذَا نَوَى أَحَدُهَا لَمْ يَرْتَفِعْ مَا عَدَاهُ. وَ [الرَّابِعُ] أَنَّهُمَا إذَا اجْتَمَعَا كَانَتَا كَوَصْفَيْنِ، فَهُمَا هُنَاكَ عِلَّةٌ وَفِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ عِلَّتَانِ.

وَالثَّالِثُ

إذَا قُلْنَا: بِالْجَوَازِ فَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ: مِنْ شَرْطِهِ أَنْ لَا يَتَنَافَيَا، لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى تَضَادِّ الْأَحْكَامِ بِأَنْ تَقْتَضِيَ إحْدَاهُمَا إثْبَاتَ حُكْمٍ وَالْأُخْرَى نَفْيَهُ، بَلْ وَيَتَضَادَّانِ بِالْإِجْمَاعِ كَتَعْلِيلِ الْبُرِّ أَنَّهُ مَكِيلٌ، وَبِأَنَّهُ قُوتٌ، لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ إذَا قَرَّرَ أَنَّهُ لَا يُعَلَّلُ إلَّا بِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ وَجَبَ التَّنَافِي، فَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا مُتَعَدِّيَةً وَالْأُخْرَى قَاصِرَةً فَاخْتَلَفُوا فِيهِ: فَقِيلَ: يَتَنَافَيَانِ، وَالصَّحِيحُ الْمَنْعُ، وَهَذَا إنْ قُلْنَا: إنَّ التَّعَدِّيَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، قَالَ الْبَاجِيُّ: هَذَا الْخِلَافُ جَارٍ سَوَاءٌ كَانَتْ الْعِلَّةُ مُتَّفِقَةً فِي التَّعَدِّي وَعَدَمِهِ أَوْ بَعْضُهَا مُتَعَدٍّ وَبَعْضُهَا قَاصِرٌ انْتَهَى وَرَأَيْت فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ تَعْلِيلَ الْحُكْمِ الْوَاحِدِ بِعِلَّتَيْنِ مُتَضَادَّتَيْنِ وَجُعِلَ مِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ الْحُكَمَاءِ: إذَا أَقْبَلَتْ الدُّنْيَا عَلَيْك فَأَنْفِقْ فَإِنَّهَا لَا تَبْقَى، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَأَنْفِقْ فَإِنَّهَا لَا تَبْقَى فَعَلَّلَ الْإِنْفَاقَ - وَهُوَ حُكْمٌ وَاحِدٌ - بِالْإِقْبَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>