وَالْإِدْبَارِ. وَقَالَ آخَرُ: إنْ كَانَ رِزْقُك قُسِمَ فَلَا تَتْعَبْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُسِمَ فَلَا تَتْعَبْ، فَعَلَّلَ تَرْكَ التَّعَبِ بِقَسْمِ الرِّزْقِ وَعَدَمِهِ. فَهَذِهِ الْعِلَّةُ وَإِنْ تَقَابَلَتْ وَتَضَادَّتْ فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا مُنَاسِبَةٌ لِلْحُكْمِ مِنْ وَجْهٍ. الرَّابِعُ
أَنَّ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ مَثَّلَ الْمَسْأَلَةَ فِي كُتُبِهِ بِالْمَرْأَةِ يَجْتَمِعُ فِيهَا الْإِحْرَامُ وَالْحَيْضُ وَالصَّوْمُ، وَغَلَّطَهُ الْإِبْيَارِيُّ لِاسْتِحَالَةِ مُجَامَعَةِ الصَّوْمِ شَرْعًا لِلْحَيْضِ، وَرَدَّهُ عَلَيْهِ ابْنُ الْمُنِيرِ بِإِمْكَانِ اجْتِمَاعِهِمَا فِي حَقِّ مَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا قَبْلَ الْفَجْرِ فَثَبَتَ الصَّوْمُ وَلَمْ تَغْتَسِلْ، وَهَذَا صَوْمٌ صَحِيحٌ وَحُكْمُ الْحَيْضِ - بِاعْتِبَارِ تَحْرِيمِ الْوَطْءِ بَاقٍ حَتَّى تَغْتَسِلَ عَلَى الصَّحِيحِ فِي صِحَّةِ الصَّوْمِ وَتَحْرِيمِ الْوَطْءِ. فَإِنْ قُلْت: الْحَيْضُ غَيْرُ مَوْجُودٍ حَقِيقَةً، قُلْت: لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى صُورَتِهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى اسْتِصْحَابِهِ حُكْمًا، كَمَا أَنَّ الْإِحْرَامَ عِلَّةٌ فِي إبْقَاءِ الْحَجِّ مَعْقُودًا لَا حُكْمُهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ الْإِمَامُ أَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ يَجْتَمِعُ عَلَيْهَا وَصْفَانِ وَيَعْتَرِيهَا حَالَتَانِ مُقْتَضَيَانِ لِلتَّحْرِيمِ، إمَّا إحْرَامٌ وَحَيْضٌ أَوْ إحْرَامٌ وَصَوْمٌ وَيَدُلُّ لِهَذَا قَوْلُهُ فِي الْبُرْهَانِ مَثَّلَ تَحْرِيمَ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ بِعِلَّةِ الْحَيْضِ وَالْإِحْرَامِ، وَالصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ. فَمُرَادُهُ اجْتِمَاعُ وَصْفَيْنِ مِنْ ذَلِكَ كَالصِّيَامِ مَعَ الصَّلَاةِ، أَوْ الْإِحْرَامِ مَعَ الْحَيْضِ، لَا أَنَّ الْأَرْبَعَةَ تَجْتَمِعُ. الْخَامِسُ الْقَائِلُونَ بِامْتِنَاعِ اجْتِمَاعِ الْعِلَلِ فَإِذَا اجْتَمَعَتْ كَانَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا، لَا بِعَيْنِهَا، عِلَّةً. حَذَرًا مِنْ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ إذَا جَعَلْنَا كُلَّ وَاحِدَةٍ عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute