للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا أَهْمَلَهُ الْأُصُولِيُّونَ، وَهُوَ أَعْلَاهَا رُتْبَةً.

وَثَانِيهَا - لِعِلَّةِ كَذَا، أَوْ لِسَبَبِ كَذَا.

وَثَالِثُهَا - مِنْ أَجْلِ، أَوْ لِأَجْلِ: وَهُوَ دُونَ مَا قَبْلَهُ، قَالَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ، يَعْنِي: لِأَنَّ لَفْظَ الْعِلَّةِ تُعْلَمُ بِهِ الْعِلَّةُ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ مِنْ قَوْلِهِ لِأَجْلِ يُفِيدُ مَعْرِفَتَهَا بِوَاسِطَةِ مَعْرِفَةِ أَنَّ الْعِلَّةَ مَا لِأَجْلِهَا الْحُكْمُ، وَالدَّالُّ بِلَا وَاسِطَةٍ أَقْوَى. وَكَذَا قَالَهُ الصَّفِيُّ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي النُّكَتِ. كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} [المائدة: ٣٢] [الْآيَةَ] عَلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي أَنَّ " مِنْ أَجْلِ " مُتَعَلِّقٌ بِ " كَتَبْنَا "، أَيْ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي آدَمَ الْقِصَاصَ مِنْ أَجْلِ قَتْلِ ابْنِ آدَمَ أَخَاهُ، بِمَعْنَى السَّبَبُ فِي شَرْعِيَّةِ الْقِصَاصِ حِرَاسَةُ الدُّنْيَا. وَظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ: {مِنَ النَّادِمِينَ} [المائدة: ٣١] أَيْ مِنْ أَجْلِ قَتْلِ أَخِيهِ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ عِلَّةٌ لِحُكْمِهِ سُبْحَانَهُ عَلَى بَاقِي الْأُمَمِ بِذَلِكَ الْحُكْمِ. فَإِنْ قُلْت: فَكَيْفَ يَكُونُ قَتْلُ وَاحِدٍ بِمَثَابَةِ قَتْلِ النَّاسِ كُلِّهِمْ؟ قُلْت: تَفْخِيمًا لِشَأْنِ الْقَتْلِ، وَأَنَّهُ وَصَلَ فِي أَنْوَاعِ الظُّلْمِ وَالْفَسَادِ إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْمُتَشَابِهِينَ التَّسَاوِي مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي مِقْدَارِ الْإِثْمِ وَاسْتِوَائِهِمَا فِي أَصْلِهِ لَا وَصْفِهِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إنَّمَا جُعِلَ الِاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ» ، وَقَوْلُهُ: «نَهَيْتُكُمْ عَنْ ادِّخَارِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ لِأَجْلِ الدَّافَّةِ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>