للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَابِعُهَا - كَيْ: كَذَا جَعَلَهَا الْإِمَامُ فِي الْبُرْهَانِ مِنْ الصَّرِيحِ، وَخَالَفَهُ الرَّازِيَّ. وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ. كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: ٧] فَعَلَّلَ سُبْحَانَهُ قِسْمَةَ الْفَيْءِ بَيْنَ الْأَصْنَافِ بِتَدَاوُلِهِ بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ دُونَ الْفُقَرَاءِ. وَقَوْلِهِ: {لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ} [الحديد: ٢٣] فَأَخْبَرَ أَنَّهُ قَدَّرَ مَا يُصِيبُهُمْ مِنْ الْبَلَاءِ قَبْلَ أَنْ تَبْرَأَ الْأَنْفُسُ، أَوْ الْمُصِيبَةُ، أَوْ الْأَرْضُ، أَوْ الْمَجْمُوعُ؛ وَهُوَ الْأَحْسَنُ. ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ مَصْدَرَ ذَلِكَ قُدْرَتُهُ عَلَيْهِ وَحِكْمَتُهُ الْبَالِغَةُ الَّتِي فِيهَا أَنْ لَا يُحْزِنَ عِبَادَهُ عَلَى مَا فَاتَهُمْ وَلَا يُفْرِحَهُمْ بِمَا آتَاهُمْ إذَا عَلِمُوا أَنَّ الْمُصِيبَةَ مُقَدَّرَةٌ كَائِنَةٌ وَلَا بُدَّ، كُتِبَتْ قَبْلَ خَلْقِهِمْ، فَهَوَّنَ عَلَيْهِمْ.

خَامِسُهَا - إذَنْ: كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا جَفَّ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَلَا إذَنْ» كَذَا جَعَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَالْغَزَالِيُّ مِنْ الصَّرِيحِ، وَجَعَلَهُ فِي الْبُرْهَانِ وَالْمَحْصُولِ مِنْ الظَّاهِرِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ: وَلَمْ يَسْأَلْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ لِكُلِّ أَحَدٍ بِالْحِسِّ، وَإِنَّمَا سَأَلَ عَنْهُ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ إنَّمَا مَنَعَ مِنْ بَيْعِهِ لِأَجْلِ أَنَّهُ يَنْقُصُ، لِئَلَّا يَظُنَّ ظَانٌّ أَنَّهُ لِغَيْرِ هَذِهِ الْعِلَّةِ. وَزَعَمَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْمَقْصُودَ النَّهْيُ عَنْ الْبَيْعِ عِنْدَ النُّقْصَانِ، لِأَنَّ إذَا لَا تَتَنَاوَلُ إلَّا الْمُسْتَقْبَلَ. وَرَدَّ عَلَيْهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ بِأَنَّ الْمَسْئُولَ عَنْهُ إنَّمَا هُوَ فِعْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>