الْحَالِ، وَلَمْ يَجْرِ لِفِعْلٍ مُسْتَقْبَلٍ ذِكْرٌ، وَإِنَّمَا يَجْرِي السُّؤَالُ بِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ. قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْقَوَاعِدِ، فَإِنَّ (إذَا) أَبَدًا لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا الْمُسْتَقْبَلَ، وَالْفِعْلُ الْمَسْئُولُ عَنْهُ مُسْتَقْبَلٌ قَطْعًا، لِأَنَّ الْمَاضِيَ وَالْحَالَ الْحَقِيقِيَّ، - أَيْ الَّذِي حَدَثَ، لَا يَسْأَلُ عَنْهُ، وَإِنَّمَا يَسْأَلُ عَنْ فِعْلٍ مُسْتَقْبَلٍ غَيْرَ أَنَّا لَا نَقُولُ: إنَّ الْمُسْتَقْبَلَ هُوَ الْبَيْعُ فِي حَالَةِ النُّقْصَانِ مُتَفَاضِلًا، بَلْ الْمُسْتَقْبَلُ الْمَسْئُولُ عَنْهُ حَقِيقَةً: هَذَا رُطَبٌ وَهَذَا تَمْرٌ.
وَسَادِسُهَا - ذِكْرُ الْمَفْعُولِ لَهُ: فَإِنَّهُ عِلَّةٌ لِلْفِعْلِ الْمُعَلَّلِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً} [النحل: ٨٩] وَنَصْبُ ذَلِكَ عَلَى الْمَفْعُولِ لَهُ أَحْسَنُ مِنْ غَيْرِهِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤] ، وَفِي قَوْلِهِ: {وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [البقرة: ١٥٠] فَإِتْمَامُ النِّعْمَةِ هِيَ الرَّحْمَةُ. وَقَوْلُهُ: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: ١٧] أَيْ لِأَجْلِ الذِّكْرِ، كَمَا قَالَ: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [الدخان: ٥٨] وَقَوْلُهُ: {فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا} [المرسلات: ٥] {عُذْرًا أَوْ نُذْرًا} [المرسلات: ٦] لِلْإِعْذَارِ وَالْإِنْذَارِ.
[الثَّانِي: الظَّاهِرُ] وَأَمَّا الظَّاهِرُ فَهُوَ كُلُّ مَا يَنْقَدِحُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِهِ التَّعْلِيلِ أَوْ الِاعْتِبَارِ إلَّا عَلَى بُعْدٍ. وَهُوَ أَقْسَامٌ:
أَحَدُهَا - اللَّامُ: وَهِيَ إمَّا مُقَدَّرَةٌ، كَمَا سَيَأْتِي فِي مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ، وَإِمَّا ظَاهِرَةٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: ٧٨] ، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦] ، {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: ١١] {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ} [آل عمران: ١٢٦] وَالْقُرْآنُ مَحْشُوٌّ مِنْ هَذَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute