للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِي. وَاسْتَشْكَلَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ} [الحشر: ٧] ، وَبِقَوْلِهِ {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا - لِيَغْفِرَ لَكَ} [الفتح: ١ - ٢] فَقَدْ صَرَّحَ فِيهِ بِالتَّعْلِيلِ، وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ، إذْ هُوَ عَلَى وَجْهِ التَّفَضُّلِ. وَقَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ: اللَّامُ فِي اللُّغَةِ تَأْتِي لِلتَّعْلِيلِ، وَتُسْتَعْمَلُ لِلْمِلْكِ، وَإِذَا أُضِيفَتْ إلَى الْوَصْفِ تَعَيَّنَتْ لِلتَّعْلِيلِ. وَجَعَلَ الرَّازِيَّ فِي الْمَحْصُولِ اللَّامَ مِنْ الصَّرَائِحِ. وَقَالَ فِي الرِّسَالَةِ الْبَهَائِيَّةِ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي شِفَاءِ الْعَلِيلِ إنَّهَا صَرِيحَةٌ فِي التَّعْلِيلِ، وَكَذَلِكَ الْبَاءُ وَالْفَاءُ ثُمَّ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالصَّرِيحِ مَا لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي التَّعْلِيلِ أَوْ مَا يَكُونُ اسْتِعْمَالُهُ فِي التَّعْلِيلِ أَظْهَرَ. فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَلَيْسَتْ اللَّامُ صَرِيحَةً فِي التَّعْلِيلِ لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ كَقَوْلِهِ:. . .

لِدُوا لِلْمَوْتِ

وَقَوْلِ الْمُصَلِّي: أُصَلِّي لِلَّهِ. فَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَلَا يَبْقَى بَيْنَ الصَّرِيحِ وَالْإِيمَاءِ فَرْقٌ، لِأَنَّ الْإِيمَاءَ إنَّمَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِهِ إذَا كَانَتْ دَلَالَتُهُ عَلَى الْعِلِّيَّةِ رَاجِحَةً عَلَى دَلَالَتِهِ عَلَى غَيْرِ الْعِلِّيَّةِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا يَصِيرُ فِيهِ اللَّفْظُ صَرِيحًا فِي الْعِلَّةِ، وَعِنْدَ عَدَمِهِ يَصِيرُ إيمَاءً، وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ.

الثَّانِي - أَنْ (الْمَفْتُوحَةُ الْمُخَفَّفَةُ) فَإِنَّهَا بِمَعْنَى " لِأَجْلِ "، وَالْفِعْلُ الْمُسْتَقْبَلُ بَعْدَهَا تَعْلِيلٌ لِمَا قَبْلَهُ، نَحْوُ أَنْ كَانَ كَذَا، وَمِنْهُ: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} [الأنعام: ١٥٦] فَإِنَّهُ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ، قَدَّرَهُ الْبَصْرِيُّونَ؛ كَرَاهَةَ أَنْ تَقُولُوا وَالْكُوفِيُّونَ: لِئَلَّا تَقُولُوا، أَوْ: لِأَجْلِ أَنْ تَقُولُوا. وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا} [الزمر: ٥٦] ، وَقَوْلُهُ: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة: ٢٨٢] . فَالْكُوفِيُّونَ فِي هَذَا كُلِّهِ يُقَدِّرُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>