للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُنَا مِنْ أَنَّ دَلَالَةَ اللَّامِ وَالْبَاءِ قَائِمَةٌ عَلَى التَّعْلِيلِ ظَاهِرَةٌ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ. ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهَا فِي اللَّامِ حَقِيقَةً وَقَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي نُكَتِهِ: الْبَاءُ دُونَ اللَّامِ فِي الْعِلِّيَّةِ، لِأَنَّ مَحَامِلَ اللَّامِ أَقَلُّ مِنْ مَحَامِلِ الْبَاءِ. وَاللَّامُ وَإِنْ جَاءَتْ لِلِاخْتِصَاصِ فَالتَّعْلِيلُ لَا يَخْلُو عَنْ الِاخْتِصَاصِ فَكَانَتْ دَلَالَةُ اللَّامِ أَخَصَّ بِالْعِلَّةِ.

السَّادِسُ - الْفَاءُ: إذَا عُلِّقَ بِهَا الْحُكْمُ عَلَى الْوَصْفِ وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ تَأَخُّرِهَا وَهِيَ نَوْعَانِ.

أَحَدُهُمَا: أَنْ تَدْخُلَ عَلَى السَّبَبِ وَالْعِلَّةِ، وَيَكُونُ الْحُكْمُ مُتَقَدِّمًا. كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْمُحْرِمِ وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ: «لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» .

وَالثَّانِي: أَنْ تَدْخُلَ عَلَى الْحُكْمِ وَتَكُونَ الْعِلَّةُ مُتَقَدِّمَةً، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} [النور: ٢] {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا} [المائدة: ٣٨] . {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا} [المائدة: ٦] . . . فَالْفَاءُ لِلْجَزَاءِ، وَالْجَزَاءُ مُسْتَحَقٌّ بِالْمَذْكُورِ السَّابِقِ، وَهُوَ السَّرِقَةُ مَثَلًا، لِأَنَّ التَّقْدِيرَ: إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوهُ. وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ قَوْله تَعَالَى: {أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: ٢٨٢] ظَاهِرُ الْخِطَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ مِنْ قِيَامِ الْوَلِيِّ بِالْإِمْلَاءِ أَنَّ مُوَلِّيَهُ لَا يَسْتَطِيعُهُ، فَصَارَ ذَلِكَ مُوجِبًا قِيَامَ الْوَلِيِّ بِكُلِّ مَا عَجَزَ عَنْهُ مُوَلِّيهِ ضَرُورَةَ طَرْدِ الْعِلَّةِ. قَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيَّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي الْإِشْعَارِ بِالْعِلَّةِ أَقْوَى مِنْ عَكْسِهِ، يَعْنِي: لِقُوَّةِ إشْعَارِ الْعِلَّةِ بِالْمَعْلُولِ، لِوُجُوبِ الطَّرْدِ فِي الْعِلَلِ دُونَ الْعَكْسِ، وَنَازَعَهُ النَّقْشَوَانِيُّ. وَهُوَ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَدْخُلَ عَلَى كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، إمَّا فِي الْوَصْفِ، كَالْحَدِيثِ السَّابِقِ، أَوْ فِي الْحُكْمِ، كَالْآيَاتِ السَّابِقَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>