وَاعْلَمْ أَنَّ اعْتِرَافَ هَؤُلَاءِ بِكَوْنِ السُّؤَالِ يَسْتَدْعِي الْجَوَابَ اعْتِرَافٌ بِكَوْنِ السُّؤَالِ قَرِينَةٌ عَلَى كَوْنِ الْوَاقِعِ جَوَابًا، فَيَكُونُ مُنَاقِضًا لِقَوْلِهِمْ: إنَّ فَهْمَ التَّعْلِيلِ يَفْتَقِرُ إلَى الدَّلِيلِ، وَالْقَرَائِنُ الصَّارِفَةُ تُرْشِدُ الْمُعَارِضَ لِدَلَالَةِ الدَّلِيلِ عَلَى تَعْيِينِ الْوَاقِعِ جَوَابًا، فَلَا يُؤْخَذُ انْتِفَاؤُهَا فِي حَدِّ الدَّلِيلِ. نَعَمْ يَقِفُ الْعَمَلُ بِالدَّلِيلِ عَلَى انْتِفَائِهَا، وَذَلِكَ لَا يَخُصُّ هَذَا النَّوْعَ مِنْ الْإِيمَاءِ، بَلْ هُوَ جَارٍ فِي جَمِيعِ الْأَنْوَاعِ، لِأَنَّ انْتِقَاءَ الْمُعَارِضِ مُشْتَرَطٌ فِي الْعَمَلِ بِجَمِيعِ الدَّلَائِلِ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ حُكْمَيْنِ لِوَصْفٍ. إمَّا مَعَ ذِكْرِهِمَا مَعًا، نَحْوُ: «لِلرَّاجِلِ سَهْمٌ وَلِلْفَارِسِ سَهْمَانِ» ، وَقَوْلُهُ: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} [البقرة: ٢٢٢] فَإِنَّهُ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ مَا جَعَلَهُ غَايَةً لِلْحُكْمِ يَكُونُ عِلَّةً، قَوْلُهُ: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ} [المائدة: ٨٩] فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُؤَثِّرَ فِي حُكْمِ الْمُؤَاخَذِ وَالتَّفْصِيلُ مَا وَقَعَ بِهِ الْفَرْقُ. وَإِمَّا مَعَ ذِكْرِ أَحَدِهِمَا، نَحْوُ: الْقَاتِلُ لَا يَرِثُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِغَيْرِ الْقَاتِلِ وَإِرْثِهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْإِرْثِ الْقَتْلُ. وَأَيْضًا: إمَّا بِالْغَايَةِ، مِثْلُ {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: ٢٢٢] أَوْ بِالِاسْتِثْنَاءِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلا أَنْ يَعْفُونَ} [البقرة: ٢٣٧] .
وَالرَّابِعُ: مَنْعُهُ مَا قَدْ يُفَوِّتُ الْمَطْلُوبَ، بِأَنْ يَذْكُرَ عَقِيبَ الْكَلَامِ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute