للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِجَمِيعِ الْأَوْصَافِ.

وَطَرِيقُهُ أَنْ يُوَافِقَهُ الْخَصْمُ عَلَى انْحِصَارِهَا فِيمَا ذَكَرَ أَوْ يَعْجِزَ عَنْ إظْهَارِ زَائِدٍ، وَإِلَّا فَيَكْفِي الْمُسْتَدِلُّ أَنْ يَقُولَ: بَحَثْت عَنْ الْأَوْصَافِ فَلَمْ أَجِدْ مَعْنًى سِوَى مَا ذَكَرْته، أَوْ الْأَصْلُ عَدَمُ مَا سِوَاهَا، وَاكْتَفَوْا فِي حَصْرِ الْأَوْصَافِ بِعَدَمِ الْوِجْدَانِ. وَهَذَا إذَا كَانَ أَهْلًا لِلْبَحْثِ، وَنَازَعَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى جَمِيعِ النُّصُوصِ، ثُمَّ إلَى مَعْرِفَةِ جَمِيعِ وُجُوهِ الدَّلَالَاتِ، وَهَذَا عَسِرٌ جِدًّا. وَقَدْ يَكُونُ عِلْمُهُ قَلِيلًا وَفَهْمُهُ نَاقِصًا.

وَكَذَلِكَ قَالَ الصَّفِيُّ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي نُكَتِهِ: مِنْ الْفَاسِدِ قَوْلُ الْمُعَلِّلِ فِي جَوَابِ طَالِبِ الْحَصْرِ: بَحَثْت وَسَبَرْت فَلَمْ أَجِدْ غَيْرَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، فَإِنْ ظَفِرْت بِعِلَّةٍ أُخْرَى فَأَبْرِزْهَا وَإِلَّا يَلْزَمُك مَا يَلْزَمُنِي قَالَ: وَهَذَا فَاسِدٌ، لِأَنَّ سِبْرَهُ لَا يَصْلُحُ دَلِيلًا، لِأَنَّ الدَّلِيلَ مَا يُعْلَمُ بِهِ الْمَدْلُولُ، وَمُحَالٌ أَنْ يَعْلَمَ طَالِبُ الْحَصْرِ الِانْحِصَارَ بِبَحْثِهِ وَنَظَرِهِ، وَجَهْلُهُ لَا يُوجِبُ عَلَى خَصْمِهِ أَمْرًا، وَاخْتَارَ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي الْأَوْسَطِ التَّفْصِيلَ بَيْنَ الْمُجْتَهِدِ وَغَيْرِهِ. ثُمَّ إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا رَجَعَ إلَى مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ، وَإِنْ كَانَ مُنَاظِرًا وَلَمْ يُسَاعِدْهُ الْخَصْمُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ إبْدَاءُ كَيْفِيَّةِ السَّبْرِ؟ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: لَا، لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ دَرْءُ قَوْلِهِ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ وَرَاءَهُ تَقْسِيمٌ مُتَوَجِّهٌ لَمْ يَذْكُرْهُ، وَ (أَصَحُّهُمَا) ، وَاخْتَارَهُ فِي الْمَنْخُولِ، أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إبْدَاءِ كَيْفِيَّةِ السَّبْرِ، لِيَكُونَ دَلِيلًا غَيْرَ مُقْتَصَرٍ عَلَى مُجَرَّدِ الدَّعْوَى، وَلَيْسَ لِلْخَصْمِ أَنْ يَقُولَ: لَمْ يُبْحَثْ، أَوْ يُسْبِرْ، أَوْ هُوَ غَرِيبٌ، وَلَا أَنْ يَقُولَ: بَقِيَ وَصْفٌ آخَرُ وَلَا أُبْرِزُهُ.

تَنْبِيهٌ:

لَمْ يَحْكُوا خِلَافًا فِي هَذَا الْقِسْمِ، وَرَأَيْت فِي كِتَابِ ابْنِ فُورَكٍ: إذَا كَانَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>