للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قَالَ) : وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَذْهَبْ فِي التَّعْلِيلِ مَسْلَكَ الْإِخَالَةِ فَصْلٌ ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ " الرِّسَالَةِ "، وَقَدْ نَقَلْنَاهُ بِلَفْظِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ} [البقرة: ٢٣٣] الْآيَةَ «وَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِنْدًا أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مَالِ أَبِي سُفْيَانَ مَا يَكْفِيهَا وَوَلَدَهَا» ، فَكَانَ الْوَلَدُ مِنْ الْوَالِدِ، فَأُجْبِرَ عَلَى صَلَاحِهِ فِي الْحَالِ الَّتِي لَا يُغْنِي فِيهَا عَنْ نَفْسِهِ، وَكَانَ الْأَبُ إذَا بَلَغَ أَنْ لَا يُغْنِيَ عَنْ نَفْسِهِ بِكَسْبٍ وَلَا مَالٍ فَعَلَى وَلَدِهِ صَلَاحُهُ فِي نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ، قِيَاسًا عَلَى الْوَالِدِ، وَلَمْ يَضَعْ شَيْئًا هُوَ مِنْهُ، كَمَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَالِدِ ذَلِكَ، وَالْوَالِدُ وَإِنْ بَعُدَ، وَالْوَلَدُ وَإِنْ سَفَلَ فِي هَذَا الْمَعْنَى، فَقُلْنَا: يُنْفِقُ عَلَى كُلِّ مُحْتَاجٍ مِنْهُمْ غَيْرِ مُحْتَرِفٍ، وَلَهُ النَّفَقَةُ عَلَى الْغَنِيِّ الْمُحْتَرِفِ.

وَذَكَرَ «حُكْمَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ الْغَلَّةَ بِالضَّمَانِ» فَقَالَ: وَكَأَنَّ الْغَلَّةَ لَمْ تَقَعْ عَلَيْهَا صَفْقَةُ الْبَيْعِ فَيَكُونُ لَهَا حِصَّةٌ فِي الثَّمَنِ، فَكَانَتْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فِي الْوَقْتِ الَّذِي لَوْ فَاتَ فِيهِ الْعَقْدُ فَاتَ فِي مَالِهِ، فَدَلَّ أَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَهَا لَهُ لِأَنَّهُ حَادِثَةٌ فِي مِلْكِهِ وَضَمَانِهِ، فَقُلْنَا كَذَلِكَ فِي ثَمَرِ النَّخِيلِ وَلَبَنِ الْمَاشِيَةِ وَصُوفِهَا وَأَوْلَادِهَا وَوَلَدِ الْجَارِيَةِ وَكُلِّ مَا حَدَثَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَضَمَانِهِ. وَكَذَلِكَ وَطْءُ الْأَمَةِ الثَّيِّبِ وَخِدْمَتِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>