للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالسَّادِسُ: لَا يَقْدَحُ حَيْثُ وُجِدَ مَانِعٌ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَتْ الْعِلَّةُ مَنْصُوصَةً أَوْ مُسْتَنْبَطَةً. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ قَدَحَ. وَاخْتَارَهُ الْبَيْضَاوِيُّ وَالْهِنْدِيُّ. وَفَقْدُ الشَّرْطِ مُلْحَقٌ بِالْمَانِعِ.

وَالسَّابِعُ: يَجُوزُ فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ فِي صُورَتَيْنِ وَلَا يَقْدَحُ فِيهِمَا، وَهُمَا مَا إذَا كَانَ التَّخَلُّفُ لِمَانِعٍ أَوْ انْتِفَاءِ شَرْطٍ، وَلَا يَجُوزُ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَيَقْدَحُ فِيهَا، وَهِيَ مَا إذَا كَانَ التَّخَلُّفُ دُونَهُمَا. وَأَمَّا الْمَنْصُوصَةُ فَإِنْ كَانَ النَّصُّ ظَنِّيًّا وَقُدِّرَ مَانِعٌ أَوْ فَوَاتُ شَرْطٍ جَازَ. وَإِنْ كَانَ قَطْعِيًّا لَمْ يَجُزْ، أَيْ لَمْ يُمْكِنْ وُقُوعُهُ، لِأَنَّ الْحُكْمَ لَوْ تَخَلَّفَ لَتَخَلَّفَ الدَّلِيلُ، وَهُوَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَطْعِيًّا، لِاسْتِحَالَةِ تَعَارُضِ الْقَطْعِيَّيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا نَاسِخًا لَا ظَنِّيًّا، لِأَنَّ الظَّنِّيَّ لَا يُعَارِضُ الْقَطْعِيَّ. وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ تَفْصِيلِ الْآمِدِيَّ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَقْدَحُ فِي الْمَنْصُوصَةِ إلَّا بِظَاهِرٍ عَامٍّ، وَلَا فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ إلَّا لِمَانِعٍ أَوْ فَقْدِ شَرْطٍ، وَالْمَنْعُ ظَاهِرٌ فِي النَّصِّ الْقَطْعِيِّ إذَا لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ وَلَا فَوَاتُ شَرْطٍ، فَإِنْ كَانَ فَلَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَانِعُ أَوْ الشَّرْطُ عَلَيْهِ دَلِيلٌ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُخَصِّصًا لِلنَّصِّ الْقَطْعِيِّ إلَّا أَنْ يُقَدِّرُوا أَنَّ دَلَالَةَ النَّصِّ عَلَى جَمِيعِ أَفْرَادِهِ قَطْعِيَّةٌ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُمْكِنُ التَّخَلُّفُ.

وَالثَّامِنُ: حَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ، أَنَّهُ يَجُوزُ تَخْصِيصُ عِلَّةِ الْحِلِّ وَالْوُجُوبِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يَكُونُ حَظْرًا (قَالَ) : وَحَمَلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: لَا تَصِحُّ التَّوْبَةُ عَنْ قَبِيحٍ مَعَ الْإِصْرَارِ عَلَى قَبِيحٍ، وَيَصِحُّ الْإِقْدَامُ عَلَى عِبَادَةٍ مَعَ تَرْكِ أُخْرَى.

وَالتَّاسِعُ: إنْ انْتَقَضَتْ عَلَى أَصْلٍ مَنْ نَصَبَ عِلِّيَّتَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ بِهَا الْحُكْمُ، وَإِنْ اطَّرَدَتْ عَلَى أَصْلِ مَنْ أَوْرَدَهَا أُلْزِمَ حَكَاهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ (قَالَ) : وَهُوَ حَشْوٌ مِنْ الْكَلَامِ لَوْلَا أَنَّهُ أَوْدَعَ كِتَابًا مُسْتَعْمَلًا لَكَانَ تَرْكُهُ أَوْلَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>