للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْعَاشِرُ: أَنَّهُ يَمْنَعُ الْمُسْتَدِلَّ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ بِالْمَنْقُوضِ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى فَسَادِهِ، لِأَنَّ الدَّلِيلَ قَدْ يَكُونُ صَحِيحًا وَيَنْقُضُهُ الْمُسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَا يَكُونُ انْتِقَاضُهُ عَلَى أَصْلِهِ دَلِيلًا عَلَى فَسَادِ دَلِيلِهِ فِي نَفْسِهِ. حَكَاهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ.

وَالْحَادِيَ عَشَرَ: إنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ مُؤَثِّرَةً لَمْ يَرِدْ النَّقْضُ عَلَيْهَا، لِأَنَّ تَأْثِيرَهَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِدَلِيلٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ. وَمِثْلُهُ لَا يُنْقَضُ، وَإِنَّمَا تَجِيءُ الْمُنَاقَضَةُ عَلَى الطَّرْدِ. حَكَاهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ عَنْ أَبِي زَيْدٍ، وَرَدَّهُ بِأَنَّ النَّقْضَ يُثِيرُ فَقْدَ تَأْثِيرِ الْعِلَّةِ.

وَالثَّانِي عَشَرَ: وَهُوَ اخْتِيَارُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ: إنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ مُسْتَنْبَطَةً، فَإِنْ اتَّجَهَ فَرْقٌ بَيْنَ مَحَلِّ التَّعْلِيلِ وَبَيْنَ صُورَةِ النَّقْضِ بَطَلَتْ عِلِّيَّتُهُ، لِكَوْنِ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا جُزْءًا مِنْ الْعِلَّةِ وَلَيْسَتْ عِلَّةً تَامَّةً. وَإِنْ لَمْ يَتَّجِهْ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ أَوْ ثَابِتًا بِمَسْلَكٍ قَاطِعٍ سَمْعِيٍّ بَطَلَتْ عِلِّيَّتُهُ أَيْضًا فَإِنَّهُ مُنَاقَضٌ بِهَا وَتَارِكٌ لِلْوَفَاءِ بِحُكْمِ الْعِلَّةِ. وَإِنْ طَرَدَ مَسْأَلَةً إجْمَاعِيَّةً لَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَحَلِّ الْعِلَّةِ فَهُوَ مَوْضِعُ التَّوَقُّفِ، فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ الثَّابِتُ فِيهَا عَلَى مُنَاقَضَةِ عِلِّيَّةِ الْعِلَلِ تَعَلُّلًا بِعِلَّةٍ مَعْنَوِيَّةٍ جَارِيَةٍ فَوُرُودُهَا يَنْقُضُ الْعِلَّةَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مَنَعَتْ الْعِلَّةَ مِنْ الْجَرَيَانِ وَعَارَضَهَا تَقْصِيرٌ، وَهِيَ آكِدٌ فِي الْإِبْطَالِ مِنْ الْمُعَارَضَةِ، فَإِنَّ عِلَّةَ الْمُعَارَضَةِ لَا تَعْرِضُ لِعِلَّةِ الْمُسْتَدِلِّ وَهَذِهِ مُتَعَرِّضَةٌ لَهَا. هَذَا رَأْيُهُ فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ النَّقْضَ قَادِحٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَقْدَحْ فَرْقٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ فِي الصُّورَةِ مُجْمَعًا عَلَيْهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا بِقَطْعِيٍّ، أَوْ كَانَ ثَابِتًا بِإِجْمَاعٍ وَفِي مَحَلِّ النَّقْضِ يَعْنِي تَعَارُضَ الْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُسْتَدِلُّ وَمَنَعَهَا مِنْ الْجَرَيَانِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَالتَّوَقُّفُ. وَقَالَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ فِي " مُخْتَصَرِ الْبُرْهَانِ ": الصَّوَابُ فِي هَذَا أَنْ يَنْظُرَ: فَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ الْمُعَارِضَةُ لِعِلَّةِ الْمُعَلِّلِ فِي الصُّورَةِ الْمُنَاقِضَةِ أَقْوَى فِي الْمُنَاسَبَةِ لَمْ تَبْطُلْ عِلَّتُهُ، لِأَنَّ تَخَلُّفَ الْحُكْمِ لِعَارِضٍ رَاجِحٌ. وَإِنْ كَانَتْ أَدْنَى بَطَلَتْ، وَإِنْ تَسَاوَتَا فَالْوَقْفُ (انْتَهَى) .

<<  <  ج: ص:  >  >>