للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَنْقَسِمُ إلَى: مَا يَظْهَرُ أَنَّهُ وَرَدَ مُسْتَثْنًى عَنْ الْقِيَاسِ مَعَ اسْتِيفَاءِ قَاعِدَةِ الْقِيَاسِ، فَلَا يُفْسِدُ الْعِلَّةَ بَلْ يُخَصِّصُهَا بِمَا وَرَاءَ الْمُسْتَثْنَى، فَيَكُونُ عِلَّةً فِي غَيْرِ مَحَلِّ الِاسْتِثْنَاءِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَرِدَ عَلَى عِلَّةٍ مَقْطُوعَةٍ، كَإِيجَابِ صَاعٍ مِنْ التَّمْرِ فِي الْمُصَرَّاةِ وَضَرْبِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، أَوْ مَظْنُونَةٍ، كَالْعَرَايَا، فَإِنَّهَا لَا تَقْتَضِي التَّعْلِيلَ بِالطُّعْمِ إذْ فُهِمَ أَنَّ ذَلِكَ اسْتِثْنَاءٌ لِرُخْصَةِ الْحَاجَةِ وَلَمْ يَرِدْ وُرُودَ النَّسْخِ لِلرِّبَا. وَدَلِيلُ كَوْنِهِ يُسْتَثْنَى أَنَّهُ يَرِدُ عَلَى كُلِّ عِلَّةٍ، كَالْكَيْلِ وَغَيْرِهِ.

وَأَمَّا إذَا لَمْ يَرِدْ مَوْرِدَ الِاسْتِثْنَاءِ فَإِنْ كَانَتْ مَنْصُوصَةً قَدَحَ، لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بَعْدَ النَّقْضِ أَنَّ النَّصَّ إنَّمَا فِيهِ بَعْضُ الْعِلَّةِ وَجُزْؤُهَا، فَإِنْ قَيَّدَهُ فِي الْعِلَّةِ تَمَّتْ، كَقَوْلِنَا: خَارِجٌ فَتَنْتَقِضُ الطَّهَارَةُ، أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: (الْوُضُوءُ مِمَّا خَرَجَ) ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَتَوَضَّأْ عَنْ الْحِجَامَةِ، فَيُعْلَمُ أَنَّ الْعِلَّةَ بِتَمَامِهَا لَمْ تُذْكَرْ فِي الْحَدِيثِ وَأَنَّ الْعِلَّةَ إنَّمَا هِيَ الْخَارِجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ فَكَانَ مُطْلَقُ الْخُرُوجِ بَعْضَ الْعِلَّةِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَجَبَ تَأْوِيلُ التَّعْلِيلِ وَأَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ} [الحشر: ٢] ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأنفال: ١٣] وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُشَاقِقْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّهُ يُعَذَّبُ فَتَكُونُ الْعِلَّةُ مَنْصُوصَةً وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ عِلَّةٌ فِي حَقِّهِمْ خَاصَّةً لِأَنَّهُ يُعَدُّ تَهَافُتًا فِي الْكَلَامِ، فَثَبَتَ أَنَّ الْحُكْمَ الْمُعَلَّلَ بِذَلِكَ لَيْسَ هُوَ التَّخْرِيبُ الْمَذْكُورُ، بَلْ هُوَ لَازِمُهُ أَوْ جُزْؤُهُ الْأَعَمُّ، وَهُوَ كَوْنُهُ عَذَابًا، وَلَا شَكَّ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُشَاقِقْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّهُ يُعَذَّبُ بِخَرَابِ الْبَيْتِ أَوْ بِغَيْرِهِ. وَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ مُسْتَنْبَطَةً فَإِنْ انْقَدَحَ جَوَابٌ عَنْ مَحَلِّ النَّقْضِ تَبَيَّنَ أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ لَيْسَ تَمَامَ الْعِلَّةِ. وَإِنْ لَمْ يَنْقَدِحْ جَوَابٌ مُنَاسِبٌ وَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>