للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْبِيهَاتٌ:

الْأَوَّلُ: كَمَا يَجْرِي الْخِلَافُ فِي الْعِلَلِ الشَّرْعِيَّةِ فَكَذَلِكَ يَجْرِي فِي الْعِلَلِ الْعَقْلِيَّةِ، وَأَنَّهُ يَتَخَلَّفُ عَنْهَا مَعْلُولُهَا، فَأَجَازَهُ الْفَلَاسِفَةُ وَمَنَعَهُ الْمُتَكَلِّمُونَ. حَكَاهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. لَكِنَّ الْأُسْتَاذَ حَكَى إجْمَاعَ الْجَدَلِيِّينَ عَلَى أَنَّ الدَّلِيلَ الْعَقْلِيَّ لَا يُخَصَّصُ، وَعَلَى أَنَّ تَخْصِيصَهُ نَقْضٌ لَهُ، وَعَلَى أَنَّ نَقْضَهُ يَمْنَعُ عَنْ التَّعَلُّقِ بِهِ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ فُورَكٍ: الْعِلَلُ الْعَقْلِيَّةُ لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهَا بِلَا خِلَافٍ.

الثَّانِي: أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ فُرُوعِ الْقَوْلِ بِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ، فَإِنْ جَوَّزْنَا تَخْصِيصَهَا لَمْ يَتَّجِهْ الْقَدْحُ بِالنَّقْضِ، وَإِلَّا اتَّجَهَ.

الثَّالِثُ: ادَّعَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي " الْبُرْهَانِ " أَنَّ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَفْظِيٌّ لَا مَعْنَوِيٌّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْبَيْضَاوِيِّ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ الْغَزَالِيُّ. وَأَنَّهُ يُلْتَفَتُ إلَى تَفْسِيرِ الْعِلَّةِ بِمَاذَا؟ إنْ فُسِّرَتْ بِالْمُوجِبَةِ فَلَا تُتَصَوَّرُ عِلِّيَّتُهَا مَعَ الِانْتِقَاضِ، أَوْ الْمُعَرِّفَةِ فَتُصُوِّرَتْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ الْخِلَافُ بِلَفْظِيٍّ. وَلَهُ فَوَائِدُ: (إحْدَاهَا) جَوَازُ التَّعْلِيلِ بِعِلَّتَيْنِ أَمْ لَا (الثَّانِيَةُ) أَنَّ مَنْ مَنَعَ التَّخْصِيصَ لَا يُجَوِّزُ أَصْلًا تَطَرُّقُهُ إلَى نَصِّ الشَّارِعِ عَلَى التَّعْلِيلِ بِهِ. وَإِنْ أُومِئَ إلَيْهِ تَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ إيمَاءً إلَى التَّعْلِيلِ لِوُرُودِ التَّخْصِيصِ. وَالْمُجَوِّزُ لِلتَّخْصِيصِ يَقُولُ: يَبْقَى ذَلِكَ عِلَّةً فِي مَحَلِّهِ. ذَكَرَهَا الْغَزَالِيُّ فِي " الْمَنْخُولِ ". (الثَّالِثَةُ) : انْقِطَاعُ الْمُسْتَدِلِّ، إنْ قُلْنَا: يُقْدَحُ، وَعَدَمُ انْقِطَاعِهِ إنْ مَنَعْنَاهُ.

الرَّابِعُ: هَلْ يُسْمَعُ مِنْ الْجَدَلِيِّ قَوْلُنَا: أَرَدْت بِالْعُمُومِ الْخُصُوصَ أَوْ لَا؟ فَالْقَائِلُونَ بِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ يَسْمَعُونَهُ، وَالْمَانِعُونَ لَا يَسْمَعُونَهُ. وَقَدْ نَقَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>