الدَّلِيلِ عَلَى وُجُودِ الْعِلَّةِ فِي الْفَرْعِ دَالٌّ بِعَيْنِهِ عَلَى وُجُودِهَا فِي مَحَلِّ النَّقْضِ فَهُوَ انْتِقَالٌ مِنْ نَقْضٍ لِلْعِلَّةِ إلَى نَقْضِ دَلِيلِهَا فَلَا يُسْمَعُ، وَبِهِ جَزَمَ الْآمِدِيُّ. وَقِيلَ: يُسْمَعُ، لِأَنَّ نَقْضَ دَلِيلِ الْعِلَّةِ نَقْضُ الْعِلَّةِ نَعَمْ لَوْ قَالَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً وَقَالَ يَلْزَمُك إمَّا نَقْضُ الْعِلَّةِ أَوْ نَقْضُ الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى وُجُودِهَا فِي الْفَرْعِ كَانَ مَسْمُوعًا يَحْتَاجُ الْمُسْتَدِلُّ إلَى الْجَوَابِ عَنْهُ.
مَسْأَلَةٌ
قَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ: لَا يُشْتَرَطُ فِي الْقَيْدِ الدَّافِعِ لِلنَّقْضِ أَنْ يَكُونَ مُنَاسِبًا، بَلْ غَيْرُ الْمُنَاسِبِ مَقْبُولٌ مَسْمُوعٌ اتِّفَاقًا، وَالْمَانِعُونَ مِنْ التَّعْلِيلِ بِالشَّبَهِ يُوَافِقُونَ عَلَى ذَلِكَ.
وَقَالَ فِي " الْمَحْصُولِ ": هَلْ يَجُوزُ دَفْعُ النَّقْضِ بِقَيْدٍ طَرْدِيٍّ؟ أَمَّا الطَّارِدُونَ فَقَدْ جَوَّزُوهُ، وَأَمَّا مُنْكِرُو الطَّرْدِ فَمِنْهُمْ مِنْ جَوَّزَهُ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ أَحَدَ أَجْزَاءِ الْعِلَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُؤَثِّرًا لَمْ يَكُنْ مَجْمُوعُ الْعِلَّةِ مُؤَثِّرًا، وَكَذَا حَكَى الْخِلَافَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي " الْبُرْهَانِ " ثُمَّ اخْتَارَ التَّفْصِيلَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْقَيْدُ الطَّرْدِيُّ يُشِيرُ إلَى مَسْأَلَةٍ تُفَارِقُ مَسْأَلَةَ النِّزَاعِ بِفِقْهٍ فَلَا يَجُوزُ نَقْضُ الْعِلَّةِ، وَإِلَّا فَلَا يُفِيدُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ (قَالَ) : وَلَوْ فُرِضَ التَّقْيِيدُ بِاسْمٍ غَيْرِ مُشْعِرٍ بِفِقْهٍ وَلَكِنَّ مُبَايَنَةَ الْمُسَمَّى بِهِ لِمَا عَدَاهُ مَشْهُورٌ بَيْنَ النُّظَّارِ، فَهَلْ يَكُونُ التَّقْيِيدُ بِمِثْلِهِ تَخْصِيصًا لِلْعِلَّةِ؟ اخْتَلَفَ فِيهِ الْجَدَلِيُّونَ، وَالْأَقْرَبُ تَصْحِيحُهُ لِأَنَّهُ اصْطِلَاحٌ.
[الطَّرِيقُ] الثَّانِي: مَنْعُ تَخَلُّفِ الْحُكْمِ عَنْ الْعِلَّةِ فِي صُورَةِ النَّقْضِ وَيَدَّعِي ثُبُوتَهُ فِيهَا. وَهُوَ إمَّا تَحْقِيقِيٌّ مِثْلُ: السَّلَمِ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّأْجِيلُ، كَالْبَيْعِ، فَإِنْ نُقِضَ بِالْإِجَارَةِ قُلْنَا: الْأَجَلُ لَيْسَ شَرْطًا لِصِحَّةِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَإِنَّمَا جَاءَ فِيهَا لِتَقْرِيرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَهُوَ الِانْتِفَاعُ بِالْعَيْنِ. أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute