أَنَّهُ يَلْزَمُهُ النَّقْضُ، لِأَنَّهُ وَإِنْ احْتَمَلَ مَا قَالَهُ إلَّا أَنَّ الْقِيَاسَ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَتَانِ فَيُعْمَلُ بِهِ مَا لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ، كَالْعُمُومِ قَبْلَ ظُهُورِ الْمُخَصِّصِ. انْتَهَى.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعَلِّلَ لَهُ أَنْ يُلْزَمَ بِصُورَةِ النَّقْضِ عِنْدَ الشَّيْخِ، وَعِنْدَ الْقَاضِي لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ مَذْهَبَ إمَامِهِ، وَهُوَ أَمْرٌ رَاجِعٌ إلَيْهِ فِي نَفْسِهِ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي مِنْهُ بِأَنْ يَقُولَ: لَا أَعْرِفُ نَصًّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى مِنْ الْحَنَابِلَةِ جَوَابَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ النَّقْضِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ نَفْسَ اللَّفْظِ مِمَّا يَحْتَمِلُهُ لِيَظْهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ غَيْرُ مَا ظَنَّهُ الْمُعْتَرِضُ فَأَوْرَدَ نَقْضًا.
الثَّانِي: أَنْ يُبَيِّنَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ: عُضْوٌ سَقَطَ فِي التَّيَمُّمِ فَجَازَ الْمَسْحُ عَلَى حَائِلٍ كَالْقَدَمِ، فَيَقُولُ الْخَصْمُ: هَذَا يَنْتَقِضُ بِغُسْلِ الْجَنَابَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ فِيهَا مَعَ أَنَّهُ يَسْقُطُ فِي التَّيَمُّمِ، فَيَقُولُ الْمُسْتَدِلُّ: إنَّمَا تَعَذَّرَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ وَقَدْ اتَّفَقَا فِي حُكْمِ الْجَنَابَةِ. قُلْت: وَيَنْبَغِي الْبُدَاءَةُ بِمَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا فِي تَرْتِيبِ الْأَجْوِبَةِ. وَيُزَادُ جَوَابٌ (خَامِسٌ) : وَهُوَ أَنْ نُسَلِّمَ وُرُودَ النَّقْضِ وَنَتَعَذَّرُ عَنْهُ بِإِبْدَاءِ أَمْرٍ فِي صُورَةِ النَّقْضِ يَصْلُحُ اسْتِنَادُ انْتِفَاءِ الْحُكْمِ إلَيْهِ، لِيَبْقَى دَلِيلُ ثُبُوتِ الْعِلَّةِ سَلِيمًا عَنْ مُعَارِضٍ.
مَسْأَلَةٌ
إذَا أُلْزِمَ النَّقْضَ فَزَادَ فِي الْعِلَّةِ وَصْفًا، فَهَلْ يُقْبَلُ مِنْهُ؟ فِيهِ أَقْوَالٌ:
أَحَدُهَا: نَعَمْ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute