أَنَّهُ غَيْرُ قَادِحٍ مَرْدُودٌ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي " التَّلْخِيصِ ": اعْلَمْ أَنَّ الْكَسْرَ سُؤَالٌ مَلِيحٌ، وَالِاشْتِغَالَ بِهِ يَنْتَهِي إلَى بَيَانِ الْفِقْهِ وَتَصْحِيحِ الْعِلَّةِ. وَقَدْ اتَّفَقَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى صِحَّتِهِ وَإِفْسَادِ الْعِلَّةِ بِهِ، وَيُسَمُّونَهُ: النَّقْضَ مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى، وَالْإِلْزَامَ مِنْ طَرِيقِ الْفِقْهِ. وَأَنْكَرَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ. قُلْت: وَابْنُ الصَّبَّاغِ - وَقَالُوا: لَا يُبْطِلُ الْعِلِّيَّةَ: لِأَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ إلَّا بِأَنْ يُغَيِّرَ الْعِلَّةَ أَوْ يُبَدِّلَ لَفْظَهَا بِغَيْرِهِ، أَوْ يُسْقِطَ وَصْفًا مِنْ أَوْصَافِهَا. وَهَذَا لَا يَلْزَمُ، لِجَوَازِ تَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِمَا غَيَّرَهُ السَّائِلُ وَبَدَّلَهُ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْعِلَّةَ شَرْعِيَّةٌ، وَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ مَعْنًى عَلَى صِفَةِ عِلَّةٍ فِي حُكْمٍ صَحِيحٍ، لِأَنَّ الْكَسْرَ نَقْضٌ، وَلَا يُجْعَلُ عِلَّةً عَلَى صِفَةٍ أُخْرَى، فَلَا يَجُوزُ إلْزَامُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ عَلَى الْآخَرِ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ، لِأَنَّ الْكَسْرَ نَقْضٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ النَّقْضِ مِنْ طَرِيقِ اللَّفْظِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ مَا أَوْجَدَهُ مِنْ الْمَعْنَى مِثْلُ الْمَعْنَى الَّذِي عَلَّلَ بِهِ، وَإِذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِذَلِكَ الْمَعْنَى الْمُوجِدُ دَلَّ عَلَى عَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ. ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي سُؤَالِ الْكَسْرِ مِنْ حَذْفِ وَصْفٍ مِنْ الْأَصْلِ، أَوْ إبْدَالِهِ بِغَيْرِهِ. كَمَا فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ الْغَائِبِ، فَإِنَّهُ حَذْفُ خُصُوصِ كَوْنِهِ بَيْعًا وَإِبْدَالُهُ فِي النِّكَاحِ، وَالنَّظَرُ فِي خُصُوصِ الْأَوْصَافِ وَحَذْفُ مَا حُذِفَ مِنْهَا وَإِبْدَالُهُ مَوْضِعُهُ الْفِقْهُ. وَعَلَى هَذَا فَلَا يَتَوَجَّهُ السُّؤَالُ إلَّا إذَا كَانَ الْمَحْذُوفُ غَيْرَ مُؤَثِّرٍ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ حَذْفُهُ. وَإِذَا كَانَ الْحَذْفُ غَيْرَ مُؤَثِّرٍ فَالْمَجْمُوعُ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَجْمُوعٌ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ. وَإِذَا حَذَفَ وَصْفًا اعْتَقَدَهُ غَيْرَ مُؤَثِّرٍ لَمْ يَرِدْ النَّقْضُ إلَّا عَلَى الْبَاقِي.
قَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: الْكَسْرُ سُؤَالٌ صَحِيحٌ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ. وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute