يُنْقَضَ، وَكَذَلِكَ الْقَلْبُ لَا يُقْلَبُ. وَرَجَّحَ فِي " الْمَحْصُولِ " الْجَوَازَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ مُنَاقِضًا لِلْحُكْمِ، لِأَنَّ قَلْبَ الْقَالِبِ إذَا فَسَدَ بِالْقَلْبِ سَلِمَ أَصْلُ الْقِيَاسِ مِنْ الْقَلْبِ. وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ لَيْسَ بِمُعَارَضَةٍ بَلْ هُوَ إفْسَادُ الْعِلَّةِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَدِلِّ أَنْ يَتَكَلَّمَ عَلَى قَلْبِهِ بِكُلِّ مَا لِلْقَالِبِ أَنْ يَتَكَلَّمَ عَلَى دَلِيلِ الْمُسْتَدِلِّ، لِمَا تَقَدَّمَ فِي النَّقْضِ. نَعَمْ، يَفْتَرِقُ الْقَلْبُ وَالْمُعَارَضَةُ فِي صُوَرٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْقَلْبَ مُعَارَضَةٌ مَبْنِيَّةٌ عَلَى إجْمَاعِ الْخَصْمَيْنِ، سَوَاءٌ انْضَمَّ إلَيْهِمَا إجْمَاعُ الْأُمَّةِ أَمْ لَا. وَالْمُنَاقَضَةُ فِي الْمُعَارَضَةِ حَقِيقِيَّةٌ، وَفِي الْقَلْبِ وَضْعِيَّةٌ. أَيْ تَوَاضُعُ الْخَصْمَانِ أَوْ الْمُجْمِعُونَ عَلَى الْمُنَاقَضَةِ.
ثَانِيهَا: أَنَّ عِلَّةَ الْمُعَارَضَةِ وَأَصْلَهَا قَدْ يَكُونُ مُغَايِرًا لِعِلَّةِ الْمُسْتَدِلِّ وَأَصْلِهِ، بِخِلَافِ الْقَلْبِ فَإِنَّ عِلَّتَهُ وَأَصْلَهُ هُمَا عِلَّتَا الْمُسْتَدِلِّ وَأَصْلُهُ، ذَكَرَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ.
ثَالِثُهَا: أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى أَصْلٍ وَلَا إثْبَاتِ الْوَصْفِ. وَكُلُّ قَلْبٍ مُعَارَضَةٌ، بِخِلَافِ الْعَكْسِ.
رَابِعُهَا: أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِيهِ الزِّيَادَةُ فِي الْعِلَّةِ وَفِي سَائِرِ الْمُعَارَضَاتِ يُمْكِنُ.
خَامِسُهَا: أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْهُ وُجُودُ الْعِلَّةِ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، لِأَنَّ أَصْلَ الْقَالِبِ وَفَرْعَهُ هُوَ أَصْلُ الْمُعَلَّلِ وَفَرْعُهُ. وَيُمْكِنُ ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الْمُعَارَضَاتِ. ذَكَرَ هَذَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ صَاحِبُ " الْمَحْصُولِ "، وَتَبِعَهُ الْهِنْدِيُّ. وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْجَدَلِيِّينَ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْ الْقَلْبِ، وَهُوَ الَّذِي يَتَبَيَّنُ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute