للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي " النِّهَايَةِ ": فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ بِأَكْثَرَ مِمَّا أَذِنَ بِهِ السَّيِّدُ: إنَّهُ لَا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نَكْتَفِيَ بِالْخَيَالَاتِ فِي الْفُرُوقِ، كَدَأْبِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَالسِّرُّ فِي ذَلِكَ أَنَّ مُتَعَلِّقَ الْأَحْكَامِ مَجَالُ الظُّنُونِ عِلْمًا بِهَا، فَإِذَا كَانَ اجْتِمَاعُ مَسْأَلَتَيْنِ أَظْهَرَ فِي الظَّنِّ مِنْ افْتِرَاقِهِمَا وَجَبَ الْقَضَاءُ بِاجْتِمَاعِهِمَا، وَإِنْ انْقَدَحَ فُرِّقَ عَلَى بُعْدٍ. قَالَ الْإِمَامُ: فَافْهَمُوا ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِنْ قَوَاعِدِ الدِّينِ.

وَإِذَا عُرِفَ ذَلِكَ فَإِذَا فَرَّقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بَعْدَمَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا - فَرْقًا مُؤَثِّرًا فَهَلْ يَكْفِي الْفَارِقُ فِي إثْبَاتِ مُخَالِفِ كُلِّ وَاحِدَةٍ الْأُخْرَى فِي الْحُكْمِ؟ فِيهِ خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ: هَلْ يَجُوزُ تَعْلِيلُ الْحُكْمِ الْوَاحِدِ بِعِلَّتَيْنِ مُسْتَنْبَطَتَيْنِ؟ مِثَالٌ: إذَا قِيسَ الشِّطْرَنْجُ عَلَى النَّرْدِ فِي التَّحْرِيمِ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ النَّرْدَ فِعْلُهُ مِنْ النَّقْصِ، وَالشِّطْرَنْجَ مِنْ الْفِكْرِ مَثَلًا، فَهَلْ يَكُونُ الْفَارِقُ دَلِيلًا عَلَى مُخَالَفَةِ الشِّطْرَنْجِ لِلنَّرْدِ فِي التَّحْرِيمِ لِيَكُونَ الشِّطْرَنْجُ حَلَالًا أَمْ لَا؟ إذَا عَرَفَ ذَلِكَ فَهَلْ يَسْمَعُ الْجَامِعَ بَعْدَ الْفَرْقِ؟ فِيهِ خِلَافٌ مُرَتَّبٌ عَلَى أَنَّهُ: هَلْ يَجُوزُ تَعْلِيلُ الْحُكْمِ بِعِلَّتَيْنِ؟ مِثَالُهُ: لَوْ خُيِّرَ الْجَامِعُ - بَعْدَ أَنْ فَرَّقَ الْفَارِقُ فِي الشِّطْرَنْجِ وَالنَّرْدِ بِمَا ذَكَرْنَا " بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا اشْتَرَكَ فِي الْمَنْعِ عَنْ الِاشْتِغَالِ بِاَللَّهِ وَعَنْ عِبَادَتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>