للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَكَرَ الشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ الْمَقْدِسِيُّ فِي كِتَابِهِ الَّذِي أَفْرَدَهُ فِي " الْفَرْقِ وَالْجَمْعِ ": إذَا تَمَّتْ الْمُنَاسَبَةُ بِشُرُوطِهَا فَهُوَ الْفَرْقُ الصَّحِيحُ. وَأَمَّا الْفُرُوقُ الْفَاسِدَةُ فَكَثِيرَةٌ:

الْأَوَّلُ: الْفَرْقُ بِالْأَوْصَافِ الطَّرْدِيَّةِ: كَمَا لَوْ قِيلَ: صَحَّ بَيْعُ الْحَبَشِيِّ فَيَصِحُّ بَيْعُ التُّرْكِيِّ، فَلَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ هَذَا أَسْوَدُ وَذَلِكَ أَبْيَضُ لَكَانَ بَاطِلًا، فَإِنَّهُ لَوْ فَتَحَ بَابَ الْفَرْقِ بِذَلِكَ لَمْ يَتِمَّ قِيَاسٌ أَصْلًا، لِأَنَّ مَا مِنْ صُورَتَيْنِ إلَّا وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ.

الثَّانِي: الْفَرْقُ بِنَوْعٍ اصْطَلَحُوا عَلَى رَدِّهِ: كَمَا لَوْ قِيلَ فِي الزَّانِي الْمُحْصَنِ يَجِبُ رَجْمُهُ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَاعِزٍ. فَلَوْ قِيلَ: إنَّمَا وَجَبَ الرَّجْمُ هُنَاكَ تَطْهِيرًا لَهُ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَعْدُومٌ فِي غَيْرِهِ لَكَانَ بَاطِلًا.

الثَّالِثُ: الْفَرْقُ بِكَوْنِ الْأَصْلِ مُجْمَعًا عَلَيْهِ وَالْفَرْعِ مُخْتَلَفًا فِيهِ: كَمَا لَوْ قِيلَ: الْحَاجَةُ إلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَى الْبَالِغِ أَكْثَرُ مِنْهُ عَلَى الصَّبِيِّ، لِأَنَّهَا فِي الْبَالِغِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي الصَّبِيِّ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَلَوْ اسْتَوَتْ الصُّورَتَانِ فِي الْمَصْلَحَةِ لَاسْتَوَتَا فِي الِاجْتِمَاعِ وَعَدَمِهِ. وَقَرِيبٌ مِنْهُ الْفَرْقُ بِكَوْنِ الْأَصْلِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ وَالْفَرْعِ مُخْتَلَفًا فِيهِ، لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ الْفَرْقُ بِذَلِكَ بَطَلَتْ الْأَقْيِسَةُ كُلُّهَا.

مَسْأَلَةٌ

مِمَّا ذُكِرَ عَلَى صُورَةِ الْفَرْقِ وَلَيْسَ فَرْقًا وَإِنْ كَانَ مُبْطِلًا لِلْعِلَّةِ - كَمَا قَالَ فِي " الْبُرْهَانِ " قَوْلُ الْحَنَفِيِّ فِي اشْتِرَاطِ تَعَيُّنِ النِّيَّةِ: مَا تَعَيَّنَ أَصْلُهُ بِنَفْسِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>