للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

قَالَ الْغَزَالِيُّ: مَجْمُوعُ مَا رَأَيْت أَهْلَ الزَّمَانِ يَقُولُونَ عَلَيْهِ عَلَى دَفْعِ هَذَا السُّؤَالِ سَبْعَةُ مَسَالِكَ:

الْأَوَّلُ - قَوْلُ بَعْضِهِمْ: الْقِيَاسُ رَدُّ فَرْعٍ مُنَازَعٍ فِيهِ إلَى أَصْلٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ بِجَامِعٍ، وَقَدْ حَصَلَ. قُلْنَا: لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَغْلِبَ الْجَامِعُ ظَنَّ صِحَّتِهِ، إمَّا بِإِخَالَةٍ أَوْ شِبْهٍ مُعْتَبَرٍ، وَلَمْ يُوجَدْ.

الثَّانِي - قَوْلُهُمْ: عَجْزُ الْمُعْتَرِضِ عَنْ إبْطَالِ الْعِلَّةِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّتِهَا، وَهُوَ بَاطِلٌ لِلُزُومِهِ صِحَّةَ كُلِّ دَلِيلٍ وُجِدَ فِيهِ عَجْزُ الْمُعْتَرِضِ.

الثَّالِثُ - قَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنِّي بَحَثْتُ وَسَبَرْتُ فَلَمْ أَجِدْ غَيْرَ هَذَا الْوَصْفِ عِلَّةً. قُلْنَا: ذَلِكَ لَا يُوجِبُ عِلْمًا وَلَا ظَنًّا بِالْعِلِّيَّةِ.

الرَّابِعُ - قَوْلُ بَعْضِهِمْ: لَوْ قُبِلَ سُؤَالُ الْمُطَالَبَةِ لَتَسَلْسَلَ، فَإِنَّهُ مَا مِنْ دَلِيلٍ يَذْكُرُهُ الْمُسْتَدِلُّ إلَّا وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ. قُلْنَا: إذَا بَيَّنَ أَنَّ أَصْلَ قِيَاسِهِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَأَنَّ عِلَّتَهُ ثَابِتَةٌ بِطَرِيقٍ مُعْتَبَرٍ انْقَطَعَتْ عَنْهُ الْمُطَالَبَةُ، أَمَّا مَا دَامَ مُتَحَكِّمًا بِالدَّعْوَى فَلَا.

الْخَامِسُ - قَوْلُ بَعْضِهِمْ: حَاصِلُ هَذَا السُّؤَالِ يَرْجِعُ إلَى مُنَازَعَةٍ فِي عِلَّةِ الْأَصْلِ، وَعِلَّةُ الْأَصْلِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مُتَنَازَعًا فِيهَا، حَتَّى يُتَصَوَّرَ الْخِلَافُ فِي الْفَرْعِ. قُلْنَا: لَسْنَا نُطَالِبُك بِعِلَّةٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهَا، بَلْ بِأَنْ تَنْصِبَ دَلِيلًا عَلَى مُدَّعَاك وَلَا تَقْتَصِرَ عَلَى التَّحَكُّمِ.

السَّادِسُ - قَوْلُ بَعْضِهِمْ: الَّذِي ذَكَرْته شَبَهٌ، وَالشَّبَهُ حُجَّةٌ. قُلْنَا: فَعَلَيْك بَيَانُ الشَّبَهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>